للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صفراء في الكأْس خلوقيَّةٌ ... مخلوقة من قبل خلق الزمان

أدقُّ محسوساً إذا صُفِّقت ... من رقةِ الفهم وسحر البيان

كأنما الكأسُ بها ثلجةٌ ... يكتال ساقيها بها زعفران

أو درةٌ ضُمت على عسجدٍ ... أو عسجدٌ قد ذاب في أُقحوان

دونكموها فاشربوا صِرفها ... هناكم القصفُ وطيب المكان

وإن أغِب عنكم فإني كمن ... يراكم في القُرب رأيُ العيان

آخر:

رهبان ديرٍ سقوني الخمر صافيةً ... مثل الشياطين في دير الشياطين

راحوا إلى الراحِ مشيَ الرخِ وانصرفوا ... والراح تمشي بهم مشي الرفازين

لله درهُمُ من فتيةٍ قعدوا ... مثل القضاة وعادوا كالمجانين

ابن المعتز:

قد مضى آبُ صاغراً لعنةُ الله عليه ولعنةُ اللاعنينا

وأتانا أيلول وهو ينادي ... الصبوح الصبوح يا غافلينا

ديك الجن:

أفديكما من حاملي قدحين ... قمرين في غصنين في دعصين

رود مهفهفةٌ ومهضوم الحشا ... للعالمين منىً وقرَّة عينِ

فإلى كأسكما على ما خُيِّلت ... كالتبر ممزوجاً بماءِ لُجين

ابن المعتز:

يا نديمي اشربا واسقِيانا ... قد بدا الصبح لنا واستبانا

واقتلا هميّ بصرفٍ عُقارٍ ... واتركا الدهر فما شاء كانا

إن للمكروه لذعةَ همٍّ ... فإذا دام على المرءِ هانا

وامزجا كأسي بريقةِ شِرٍّ ... طاب للعطشان ورداً وحانا

من فمٍ قد غُرس الدُّرُّ فيه ... ناصِح الريق، إذا الريقُ خانا

ونديمٍ أمرض السكرُ منه ... مقلة فاترة ولسانا

قد فديناه من الكأس حتى ... هشَّ للسَّاقي ومدَّ البنانا

لم يزل يركض وهو مخلىْ ... ثم علَّقنا عليه العِنانا

وقال:

دعني فما طاعة العذال من ديني ... ما سالم القلب في الدنيا كمفتون

أقررت أني مجنون بحبكم وليس لي عندكم عذرُ المجانين

وصاحبٍ بعد مسِّ النوم مقلته ... دعوته ولسان الصبح يدعوني

نبهته ونجوم الليل راكعةٌ ... في حالكٍ من بقايا ليلها الجونِ

ركوع رهبان دير في صلاتهم ... سودٍ مدارعهم شمط العثانين

فقام يمسح عن عينيه وسنته ... بعُقدة النوم من فيه يلبيني

وطاف بالدنِّ ساقٍ وجهه قمرٌ ... فشكَّهُ بسريع الحدّ مسنون

ذو طرةٍ نظمت في عاج جبهته ... من شعره حلقاً سودَ الزرافين

كأن خط عذارٍ شقَّ عارضه ... ميدان آسٍ على وردٍ ونسرين

مستودعٌ ذيله معلاق منطقةٍ ... يضمُّ غصنَ نقاً يهتز من لِين

وخُط فوق حجاب الدُّر شاربُهُ ... كنصف صادٍ ودار الصُدغ كالنون

فجاء بالراح تحكي ورد وجنته ... مُقرطقٌ من بني كِسرىوشيرين

عليه إكليل آسٍ فوق مفرقه ... قد رصعوه بأنواع الرياحين

وقال:

صحوتُ ولكن بعد أيّ فنون ... فلا تسأليني سلوةً ودعيني

وخمارةٍ يُعنى المسيحُ بدينها ... طرقت وضوء الصبح غير مبين

فلما رأتني أيقنت بمعذلٍ ... قليل بقاء الوفر غير ضنين

فقامت وفي أجفانها سِنة الكرى ... تفضُّ بكفيها خواتم طين

فلما رآها الليل حثَّ جناحه ... مخافة صبحٍ في الدِّنان كمينِ

فجاءت بها في كأسها ذهبيةً ... لها حدقٌ لم تتصل بجفونِ

مخدرةٌ تُقصي الهجير ظلالها ... ببيت إذا فار النهار كنين

تجاورُ أتراباً وقوفاً صوافنا ... حملن ولم تعلم بحمل جنينِ

فما زلت أسقاها بكف مقرطقٍ ... كغصن ثنته الريح بين غصون

لوى صُدغه كالنون من تحت طُرَّةٍ ... ممسكةٍ تُزهى بعاج جبين

<<  <   >  >>