فَإِن الْخَفِيف لَا يثبت بل يطيش وَصَاحب الْيَقِين ثَابت يُقَال أَيقَن إِذا كَانَ مُسْتَقرًّا وَالْيَقِين واستقرار لإيمان فِي الْقلب علما وَعَملا فقد يكون علم العَبْد جيدا لَكِن نَفسه لَا تصبر عِنْد المصائب بل تطيش قَالَ الْحسن الْبَصْرِيّ إِذا شِئْت أَن ترى بَصيرًا لَا صَبر لَهُ رَأَيْته وَإِذا شِئْت أَن ترى صَابِرًا لَا بَصِيرَة لَهُ رَأَيْته فَإِذا رَأَيْت بَصيرًا صَابِرًا فَذَاك قَالَ تَعَالَى وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآياتِنَا يوقنون وَلِهَذَا تشبه النَّفس بالنَّار فِي سرعَة حركتها وإفسادها وغضبها وشهوتها من النَّار والشيطان من النَّار وَفِي السّنَن عَن النَّبِي أَنه قَالَ الْغَضَب من الشَّيْطَان والشيطان من النَّار وَإِنَّمَا تطفأ النَّار بِالْمَاءِ فَإِذا غضب أحدكُم فليتوظأ وَفِي الحَدِيث الآخر الْغَضَب جَمْرَة توقد فِي جَوف ابْن آدم أَلا ترى إِلَى حمرَة عَيْنَيْهِ وانتفاخ أوداجه وَهُوَ غليان دم الْقلب لطلب الانتقام وَفِي الحَدِيث الْمُتَّفق على صِحَّته إِن الشَّيْطَان يجْرِي من ابْن آدم مجْرى الدَّم وَفِي الصَّحِيحَيْنِ أَن رجلَيْنِ اسْتَبَّا عِنْد النَّبِي وَقد اشْتَدَّ غضب أَحدهمَا فَقَالَ النَّبِي إِنِّي لأعْلم كلمة لَو قَالَهَا لذهب عَنهُ مَا يجد لَو قَالَ أعوذ بِاللَّه من الشَّيْطَان الرَّجِيم وَقد قَالَ تَعَالَى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أحسن فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ عَدَاوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَمَا يُلَقَّاهَا إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ وَقَالَ تَعَالَى خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ وَإِمَّا يَنْزَغَنَّكَ مِنَ الشَّيْطَانِ نَزْغٌ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ وَقَالَ تَعَالَى ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ السَّيِّئَةَ نَحْنُ أَعْلَمُ بِمَا يَصِفُونَ وَقُلْ رَبِّ أَعُوذُ بِكَ مِنْ هَمَزَاتِ الشَّيَاطِينِ وَأَعُوذُ بِكَ رَبِّ أَنْ يَحْضُرُونِ
تمّ الْكتاب وَالْحَمْد لله أَولا وآخرا وَصلى الله على رَسُولنَا مُحَمَّد النَّبِي الْأُمِّي وعَلى آله وَصَحبه وتابعيه والمقتدين بآثارهم إِلَى يَوْم الدّين وَآخر دعوانا أَن الْحَمد لله رب الْعَالمين
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute