للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فَهَذِهِ بعض آثَار ترك الْمعاصِي فِي الدُّنْيَا فَإِذا مَاتَ تَلَقَّتْهُ الْمَلَائِكَة بالبشرى من ربه بِالْجنَّةِ وَبِأَنَّهُ لَا خوف عَلَيْهِ وَلَا حزن وينتقل من سجن الدُّنْيَا وضيقها إِلَى رَوْضَة من رياض الْجنَّة ينعم فِيهَا إِلَى يَوْم الْقِيَامَة فَإِذا كَانَ يَوْم الْقِيَامَة كَانَ النَّاس فِي الْحر والعرق وَهُوَ فِي ظلّ الْعَرْش فَإِذا انصرفوا من بَين يَدي الله أَخذ بِهِ ذَات الْيَمين مَعَ أوليائه الْمُتَّقِينَ وَحزبه المفلحين وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو فضل عَظِيم

فصل ذكر ابْن سعد فِي الطَّبَقَات عَن عمر بن عبد الْعَزِيز أَنه كَانَ

إِذا خطب على الْمِنْبَر فخاف على نَفسه الْعجب قطعه وَإِذا كتب كتابا فخاف فِيهِ الْعجب مزقه وَيَقُول اللَّهُمَّ إِنِّي أعوذ بك من شَرّ نَفسِي اعْلَم أَن العَبْد إِذا شرع فِي قَول أَو عمل يَبْتَغِي فِيهِ مرضاة الله مطالعا فِيهِ منَّة الله عَلَيْهِ بِهِ وتوفيقه لَهُ فِيهِ وَأَنه بِاللَّه لَا بِنَفسِهِ وَلَا بمعرفته وفكره وَحَوله وقوته بل هُوَ بِالَّذِي أنشأ لَهُ اللِّسَان وَالْقلب وَالْعين وَالْأُذن فَالَّذِي منّ عَلَيْهِ بذلك هُوَ الَّذِي منّ عَلَيْهِ بالْقَوْل الْفِعْل فَإِذا لم يغب ذَلِك عَن ملاحظته وَنظر قلبه لم يحضرهُ الْعجب الَّذِي أَصله رُؤْيَة نَفسه وغيبته عَن شُهُود منّة ربه وتوفيقه وإعانته فَإِذا غَابَ عَن تِلْكَ الملاحظة وَثَبت النَّفس وَقَامَت فِي مقَام الدَّعْوَى فَوَقع الْعجب ففسد عَلَيْهِ القَوْل وَالْعَمَل فَتَارَة يُحَال بَينه وَبَين تَمَامه وَيقطع عَلَيْهِ وَيكون ذَلِك رَحْمَة بِهِ حَتَّى لَا يغيب عَن مُشَاهدَة المنّة والتوفيق وَتارَة يتم لَهُ وَلَكِن لَا يكون لَهُ ثَمَرَة وَإِن أثمر أثمر ثَمَرَة ضَعِيفَة غير محصلة للمقصود وَتارَة يكون ضَرَره عَلَيْهِ أعظم من انتفاعه ويتولد لَهُ مِنْهُ مفاسد شتّى بِحَسب غيبته عَن مُلَاحظَة التَّوْفِيق والمنّة ورؤية نَفسه وَأَن القَوْل وَالْفِعْل بِهِ

وَمن هَذَا الْموضع يصلح الله سُبْحَانَهُ أَقْوَال عَبده وأعماله ويعظم لَهُ ثَمَرَتهَا أَو يُفْسِدهَا عَلَيْهِ ويمنعه ثَمَرَتهَا فَلَا شَيْء أفسد للأعمال من الْعجب ورؤية النَّفس فَإِذا أَرَادَ الله

<<  <   >  >>