للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المنهيات شرور وتفضي الي شرور والمأمورات خير وتفضي إِلَى الْخيرَات وَالْخَيْر بيدَيْهِ سُبْحَانَهُ وَالشَّر لَيْسَ إِلَيْهِ فَإِن الشَّرّ لَا يدْخل فِي صِفَاته وَلَا فِي أَفعاله وَلَا فِي أَسْمَائِهِ وَإِنَّمَا هُوَ من المفعولات مَعَ أَنه شَرّ بِالْإِضَافَة وَالنِّسْبَة إِلَى العَبْد وَإِلَّا من حَيْثُ إِضَافَته ونسبته إِلَى الْخَالِق سُبْحَانَهُ فَلَيْسَ بشر من هَذِه الْجِهَة فغاية ارْتِكَاب النهى أَن يُوجب شرا بِالْإِضَافَة إِلَى العَبْد مَعَ أَنه فِي نَفسه لَيْسَ بشر وَأما فَوَات الْمَأْمُور فَيفوت بِهِ وَالْخَيْر الَّذِي بفواته يحصل ضِدّه من الشَّرّ وَكلما كَانَ الْمَأْمُور أحب إِلَى الله سُبْحَانَهُ كَانَ الشَّرّ الْحَاصِل بفواته أعظم كالتوحيد وَالْإِيمَان وسر هَذِه الْوُجُوه أَن الْمَأْمُور محبوبه والمنهي مكروهه وَوُقُوع محبوبه أحب إِلَيْهِ من فَوَات مكروهه وفوات محبوبه أكره إِلَيْهِ من وُقُوع مكروهه وَالله أعلم

فصل مبْنى الدّين على قاعدتين الذّكر وَالشُّكْر قَالَ تَعَالَى

{فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تكفرون} وَقَالَ النَّبِي لِمعَاذ وَالله إِنِّي لَأحبك فَلَا تنسى أَن تَقول دبر كل صَلَاة اللَّهُمَّ أعنِّي على ذكرك وشكرك وَحسن عبادتك وَلَيْسَ المُرَاد بِالذكر مُجَرّد الذّكر اللِّسَان بل الذّكر القلبي واللساني وَذكره يتَضَمَّن ذكر أَسْمَائِهِ وَصِفَاته وَذكر أمره وَنَهْيه وَذكره بِكَلَامِهِ وَذَلِكَ يسْتَلْزم مَعْرفَته وَالْإِيمَان بِهِ وبصفات كَمَاله ونعوت جَلَاله وَالثنَاء عَلَيْهِ بأنواع الْمَدْح وَذَلِكَ لَا يتم إِلَّا بتوحيده فَذكره الْحَقِيقِيّ يسْتَلْزم ذَلِك كُله ويستلزم ذكر نعمه وآلائه وإحسانه إِلَى خلقه

وَأما الشُّكْر فَهُوَ الْقيام بِطَاعَتِهِ والتقرب إِلَيْهِ بأنواع محابه ظَاهرا وَبَاطنا وَهَذَانِ الْأَمْرَانِ هما جماع الدّين فَذكره مُسْتَلْزم لمعرفته وشكره مُتَضَمّن لطاعته وَهَذَانِ هما الْغَايَة الَّتِي خلق لأَجلهَا الْجِنّ وَالْإِنْس وَالسَّمَوَات وَالْأَرْض وَوضع لأَجلهَا الثَّوَاب وَالْعِقَاب وَأنزل الْكتب وَأرْسل الرُّسُل وَهِي الْحق الَّذِي بِهِ خلقت

<<  <   >  >>