ولا يدلي بحجة حتى يرى قاضيا ولا يشكو الوجع إلا عند من يرجو عنده البرء ولا يمدح أحدا إلا بما فيه لأن من مدح رجلا بما ليس فيه فقد بالغ في هجائه ومن قبل المدح بما لم يفعله فقد استهدف للسخرية ٠
والعاقل يكرم على غير مال كالأسد يهاب وإن كان رابضا وكلام العاقل يعتدل كاعتدال جسد الصحيح وكلام الجاهل يتناقض كاختلاط جسد المريض
وكلام العاقل وإن كان نزرا حظوة عظيمة كما أن مقارفة المأثم وإن كان نزرا مصيبة جليلة
ومن العقل التثبت في كل عمل قبل الدخول فيه
وآفة العقل العجب بل على العاقل أن يوطن نفسه على الصبر على جار السوء وعشير السوء وجليس السوء فإن ذلك مما لا يخطيه على ممر الأيام ٠
ولا يجب للعاقل أن يحب أن يسمى به لأن من عرف بالدهاء حذر ومن عقل العاقل دفن عقله مَا استطاع لأن البذر وإن خفي في الأرض أياما فإنه لا بد ظاهر في أوانه وكذلك العاقل لا يخفى عقله وإن أخفى ذلك جهده ٠
وأول تمكن المرء من مكارم الأخلاق هو لزوم العقل
أنشدني علي بْن مُحَمَّد البسامي ... إن المكارم أبواب مصنفة ... فالعقل أولها والصمت ثانيها
أخبرنا عمر بْن عَبْد اللَّه بن عمر الهجرى بالأبلة حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن خبيق حَدَّثَنَا موسى بْن طريف قَالَ شعيب بْن حرب قَالَ لي شعبة عقولنا قليلة فإذا جلسنا مع من هو أقل عقلا منا ذهب ذلك القليل وإني لأرى الرجل يجلس