.. يعزي المعزي ثم يمضي لشأنه ... ويبقى المعزى في أحر من الجمر
ويرمى المعزي بعد ذاك بسلوة ... ويثوي المعزي عنه في وحشة القبر ...
وأنشدني المنتصر بْن بلال ... من يسبق السلوة بالصبر ... فاز بفضل الحمد والأجر
يا عجبي من هلع جازع ... يصبح بين الذم والوزر
مصيبة الإنسان في دينه ... أعظم من جائحة الدهر ...
وأنشدني عَبْد العزيز بْن سليمان الأبرش ... تجري المقادير إن عسرا وإن يسرا ... حاذرت واقعها أو لم تكن حذرا
والعسر عَن قدر يجري إلى يسر ... والصبر أفضل شيء وافق الظفرا ...
سمعت إِسْحَاق بْن أَحْمَد القطان البغدادي بتستر يقول كان لنا جار ببغداد كنا نسميه طبيب القراء وكان يتفقد الصالحين ويتعاهدهم فقال لي دخلت يوما على أَحْمَد بْن حنبل فإذا هو مغموم مكروب فقلت مَا لك يا أبا عَبْد اللَّه قَالَ خير قلت وما الخير قَالَ امتحنت بتلك المحنة حتى ضربت ثم عالجوني وبرأت إلا أنه بقي في صلبي موضع يوجعني هو أشد علي من ذلك الضرب قَالَ قلت اكشف لي عَن صلبك قَالَ فكشف لي فلم أر فيه إلا أثر الضرب فقط فقلت ليس لي بذي معرفة ولكن سأستخبر عَن هذا قَالَ فخرجت من عنده حتى أتيت صاحب الحبس وكان بيني وبينه فضل معرفة فقلت له أدخل الحبس في حاجة قَالَ ادخل فدخلت وجمعت فتيانهم وكان معي دريهمات فرقتها عليهم وجعلت أحدثهم حتى أنسوا بي ثم قلت من منكم ضرب أكثر قَالَ فأخذوا يتفاخرون حتى اتفقوا على واحد منهم أنه أكثرهم ضربا وأشدهم صبرا قَالَ فقلت له أسألك عَن شيء فقال هات فقلت شيخ ضعيف ليس صناعته كصناعتكم ضرب على الجوع