وفي مسكنته قنعا لأن من نزل به الفقر لم يجد بدا من ترك الحياء والفقر يذهب العقل والمروءة ويذهب العلم والأدب وكاد الفقر أن يكون كفرا ومن عرف بالفقر صار معدنا للتهمة ومجمعا للبلايا اللهم إلا أن يرزق المرء قلبا نقيا قنعا يرى الثواب المدخر من الضجر الشديد فحينئذ لا يبالي بالعالم بأسرهم والدنيا وما فيها والفقر داعية إلى المهانة كما أن الغنى داعية إلى المهابة ولقد أحسن الذي يقول ... يغطي عيوب المرء كثرة ماله ... وصدق فيما قَالَ وهو كذوب
أنبأنا بكر بْنُ أَحْمَدَ بْنِ سَعِيدٍ الطَّاحِيُّ حَدَّثَنَا النمر بْن قادم حَدَّثَنَا حماد بْن زيد عَن أيوب قَالَ قَالَ لي أَبُو قلابة يا أيوب الزم سوقك فإنك لا تزال كريما على إخوانك مَا لم تحتج إليهم
وأنشدني العقبي أنشدني مُحَمَّد بْن خلف التيمي بالكوفة ... كأن مقلا حين يغدو لحاجة ... إلى كل من يلقى من الناس مذنب
وكان بنو عمي يقولون مرحبا ... فلما رأوني معدما مات مرحب ...
وأنشدني الكريزي ... لعمرك إن المال قد يجعل الفتى ... نسيبا وإن الفقر بالمرء قد يزري
ولا رفع النفس الدنيئة كالغنى ... ولا وضع النفس الكريمة كالفقر ...
حدثنا مُحَمَّد بْن يَحْيَى العمى ببغداد حَدَّثَنَا الصلت بْن مسعود حَدَّثَنَا حماد بْن زيد حَدَّثَنَا أيوب قَالَ قَالَ لي أَبُو قلابة الزم السوق فإن الغنى من العافية
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه ليس خلة هي للغنى مدح إلا وهي للفقير عيب فإن كان الفقير حليما قِيلَ بليد وإن كان عاقلا قِيلَ مكار وإن كان بليغا قِيلَ مهذار وإن كان ذكيا قِيلَ حديد وإن كان صموتا قِيلَ عيي وإن