والرأي لا يتم قوام هؤلاء إلا بالمال ولا يوجد المال إلا بصلاح الرعية ولا تصلح الرعية إلا بإقامة العدل فكأن ثبات الملك لا يكون إلا بلزوم العدل وزواله لا يكون إلا بمفارقته
فالواجب على الملك أن يتفقد أمور عماله حتى لا يخفى عَلَيْهِ إحسان محسن ولا إساءة مسيء لأنه إذا جنى عَلَيْهِ أعمال عماله لم يكن قائما بالعدل
ولقد أنشدني علي بْن مُحَمَّد البسامي ... إذا أسست قوما فاجعل العدل بينهم ... وبينك تأمن كل مَا تتخوف
وإن خفت من أهواء قوم تشتتا ... فبالجود فاجمع بينهم يتألفوا ...
حدثنا عمرو بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا الغلابي حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيم بْن عمر بْن حبيب القاضي حَدَّثَنَا الأصمعي قَالَ قال ملك طخارستان لنصر بْن سيار ينبغي للأمير أن يكون له ستة أشياء وزير يثق به ويفضي إليه بسره وحصان يلجأ إليه إذا فزع أنجاه يعني فرسا وسيف إذا نازل به الأقران لم يخف أن يخونه وذخيرة خفيفة المحمل إذا نابته نائبة أخذها وامرأة إذا دخل إليها أذهبت همه وطباخ إذا لم يشته الطعام صنع له شيئا يشتهيه
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه لا يجب للسلطان أن يفرط البشاشة والهشاشة للناس ولا أن يقل منهما فإن الإكثار منهما يؤدي إلى الخفة والسخف والإقلال منهما يؤدي إلى العجب والكبر ولا ينبغي له أن يغضب لأن قدرته من وراء حاجته ولا أن يكذب لأنه لا يقدر أحد على استكراهه ولا له أن يبخل لأنه لا عذر له في منع الأموال والجاه معا ولا له أن يحقد لأنه يجب أن يترفع عَن المجازاة فأفضل السلطان مالم يخالطه البطر وأعجزهم آخذهم بالهوينا وأقلهم نظرا في العواقب وخير السلطان من أشبه النسر حوله الجيف لا من أشبه الجيف حولها النسور
ويجب عَلَيْهِ استبقاء الرياسة وما فيه من نعمه اللَّه عَلَيْهِ بلزوم تقوى اللَّه وتفقد