والسلطنة إنما هي قول الحق والعمل بالعدل لا التفاخر في الدنيا واستعمال البذل ولقد حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ سَعِيدٍ الْقَزَّازُ حَدَّثَنَا خطاب بْن عَبْد الرحمن الجندي حَدَّثَنَا عَبْد اللَّه بْن سليمان قَالَ قَالَ أَبُو عمرة بْن العلاء كانو لا يسودون إلا من تكاملت فيه ست خصال وتمامهن في الإسلام السابعة السخاء والنجدة والصبر والحلم والبيان والتواضع وتمامهن في الإسلام الحياء
وأنشدني الكريزي ... إذا نلت الإمارة فاسم فيها ... إلى العلياء بالعمل الوثيق
بمحض خليقة لا عيب فيها ... وليس المحض كاللبن المذيق
ولا تك عندها حلوا فتحسى ... ولا مرا فتنشب في الحلوق
وكل إمارة إلا قليلا ... مغيرة الصديق عن الصديق ...
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه من صحب السلطان فلا يجب أن يكتمه نصيحته لأن من كتم السلطان نصيحته والأطباء مرضه والإخوان بشه فقد خان نفسه ومن يصحب السلطان لا ينجو من الآثام كما أن راكب العجل لا يأمن العثار ولا يجب أن يأمن غضب السلطان إن صدقه ولا عقوبته إن كذبه ولا يجتريء عَلَيْهِ وإن أدناه لأن الحازم العاقل لا يشرب السم اتكالا على مَا عنده من الترياق والأدوية
وإني لأستحب لمن امتحن بصحبة السلطان أن يعلمه لزوم تقوى اللَّه والعمل الصالح كأنه يتعلم منه ويؤدبه كأنه يتأدب به ويتقي سخطاته والسخط إذا كان من علة كان الرضا عنه موجودا وإذا كان من غير علة ينقطع حينئذ الرجاء ولا يجب أن يعلم كل مَا تأتي الملوك من أمورها لأن في معرفتهم إياها بعض الفتنة