على هارون أمير المؤمنين فلما بصر بي قَالَ أَبُو العتاهية قلت أَبُو العتاهية قَالَ الذي يقول الشعر قلت الذي يقول الشعر قَالَ عظني بأبيات شعر وأوجز فأنشدته ... لا تأمن الموت في طرف ولا نفس ... ولو تمنعت بالحجاب والحرس
واعلم بأن سهام الموت قاصدة ... لكل مدرع منا ومترس
ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ... إن السفينة لا تجري على اليبس ...
قال فخر مغشيا عَلَيْهِ أو كما قَالَ
حدثنا عمرو بْن مُحَمَّد حَدَّثَنَا الغلابي حَدَّثَنَا أَبُو جعفر البغدادي قَالَ قرأت على باب قصر بالسند ... نزل الموت منزلا ... سلب القوم وارتحل ...
فقلت مَا هذا فقالوا مات أهل القصر كلهم فأصبحوا وهذا الكتاب على الباب لا يدري من كتبه وأنشدني البسامي ... قد يصح المريض بعد إياس ... كان منه ويهلك العواد
يصاد القطا فينجو سليما ... بعد هلك ويهلك الصياد ...
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه العاقل لا ينسى ذكر شيء هو مترقب له ومنتظر وقوعه من قدم إلى قدم ومن لحظة إلى شزرة فكم من مكرم في أهله معظم في قومه مبجل في جيرته لا يخاف الضيق في المعيشة ولا الضنك في المصيبة إذ ورد عَلَيْهِ مذلل الملوك وقاهر الجبابرة وقاصم الطغاة فألقاه صريعا بين الأحبة وجيرانه مفارقا لأهل بيته وإخوانه لا يملكون له نفعا ولا يستطيعون عنه دفعا فكم من أمة قد أبادها الموت وبلدة قد عطلها وذات بعل قد أرملها وذي أب أيتمه وذي إخوة أفرده
فالعاقل لا يغتر بحالة نهايتها تؤدي إلى مَا قلنا ولا يركن إلى عيش مغبته مَا ذكرنا ولا ينسى حالة لا محالة هو مواقعها وما لا شك يأتيه إذ الموت طالب لا يعجزه المقيم ولا ينفلت منه الهارب