والعاقل لا يرحم من يخافه ولا يترك إحصاء معائب العدو ويتفقد عثراتهم مع السكوت عَن ثلبه ولا يستضعف عدوا بحيلة فإن من استضعف الأعداء اغتر ومن اغتر لم يسلم اللهم إلا أن يكون العدو ذليلا فإذا كان كذلك عطف عَلَيْهِ بالإغضاء لأن العدو الذليل أهل أن يرحم كما أن المستجير الخائف أهل أن يؤمن والمماداة للعاقل خير من المصافاة للجاهل
وأنشدني الخلادي أنشدني أَحْمَد بْن مُحَمَّد البكري ... وولمن يعادي عاقلا خير له ... من أن يكون له صديق أحمق
فارغب بنفسك أن تصادق أحمقا ... إن الصديق على الصديق مصدق ...
أبصر لرجلك قبل الخطو موضعها ... فمن علا قلة عَن غرة زلجا ...
قال أَبُو حاتم رَضِيَ اللَّه عنه العاقل يبصر موضع خطواته قبل أن يضعها ثم يقارب عدوه بعض المقاربة لينال حاجته ولا يقاربه كل المقاربة فيجترأ عَلَيْهِ والعاقل لا يعادي مَا وجد إلى المحبة سبيلا ولا يعادي من ليس له منه بد ولا العدو الحنق الذي لا يطاق فإنه ليس له حيلة إلا الهرب منه وحيلة السبيل إلى القدرة على العدو وجود الغرة فيه وأن يرى العدو أنه لا يتخذه عدوا ثم يصادق أصدقاءه فيدخل بينه وبينهم
وأحزم الأمور في أمر العدو أن لا يذكره بسوء إلا عند الفرصة وإن من أيسر الظفر بالأعداء اشتغال بعضهم ببعض وإن مما يستعين به المرء على عدوه مجانبة من يعاشره ويصحب عدوه