للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك غير ممكن إلا حيث يكثر الجهل ويقل العلم.

يوضح ذلك: أن كثيرًا من أتباع أبي الحسن الأشعري يصرحون بمخالفة السلف، في مثل مسألة الإيمان، ومسألة تأويل الآيات والأحاديث، يقولون: مذهب السلف، أن الإيمان قول وعمل ويزيد وينقص، وأما المتكلمون من أصحابنا فمذهبهم كيت وكيت١، وكذلك يقولون: مذهب السلف أن هذه الآيات والأحاديث الواردة في الصفات لا تتأول، والمتكلمون يريدون تأويلها إما وجوبًا أو جوازًا ويذكرون اغلخلاف بين السلف وبين أصحابهم المتكلمين، هذا منطوق ألسنتهم ومسطور كتبهم"٢.

فلما كان هذا حال هذا الفرق والطوائف؛ تصريح بأن مذهبهم خلاف مذهب السلف، مع ادعاء اتباع الكتاب والسنة والاستدلال بهما والتسمي بأهل الحق، وأهل السنة والجماعة من قبل بعضهم أظهر أهل السنة مذهب السلف وأبرزوه وذكروا أقوال أئمة السلف من الصحابة ومن بعدهم من أهل العلم والإتباع الذين هم أئمة السنة وأهلها بلا منازع ليبينوا من خالف قولهم؛ فليس هو على السنة المحضة وإن أصاب بعضها في بعض أقواله وليتميز المحق في ادعائه من المبطل، فإن اتباع الكتاب والسنة كل يديعيه، والميزان هو اتباع وارتضاء طريقتهم، وانتهاج منهجهم؛ فإنهم كانوا على هدي مستقيم، كما قال ابن مسعود رضي الله عنه٣، وبذلك يظهر المحق من المبطل ويميز بين أهل السنة وأهل البدعة الذين شعارهم مجانبة السلف ومخالفتهم.


١ قارن بقول الرازي وهو من أئمة الأشاعرة: "الإيمان عندنا لا يزيد ولا ينقص، وعند المعتزلة: لما كان اسمًا لأداء العبادات كان قابلًا لهما، وعند السلف، لما كان اسمًا للإقرار والاعتقاد والعمل فكذلك". محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين ص ٢٣٩.
٢ انظر: الفتاوى ٤/ ١٥٣- ١٥٧.
٣ انظر قوله في هذا المعنى: ص ١٠٣.

<<  <   >  >>