وأهل البدع وإن كانوا يدعون اتباع الكتاب والسنة ويستدلون بالكثير من نصوصهما على ما يذهبون إليه على نحو ما ذكرنا، ويزعمون أنهم أهل الحق وربما تسمى بعضهم بأهل السنة؛ إلا أنهم لم يدعوا يومًا أنهم على مذهب السلف أو من أتباعهم أو قائلون بقولهم. بل يصرحون بمخالفتهم ومباينتهم.
يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:"بل والطوائف المشهورة بالبدعة، كالخوارج والروافض، لا يدعون أنهم على مذهب السلف؛ بل هؤلاء يكفرون جمهور السلف، فالرافضة تطعن في أبي بكر وعمر وعامة السابقين والأولين من المهاجرين والأنصار، والذين اتبعوهم بإسحان، وسائر أئمة الإسلام، بل ويكفرونهم فكيف يزعمون أنهم على مذهب السلف، ولكن ينتحلون مذهب أهل البيت كذبًا وافتراء؟ "
وكذلك الخوارج قد كفروا عثمان وعليًا، وجمهور المسلمين من الصحابة والتابعين فكيف يزعمون أنهم على مذهب السلف؟
والمعتزلة أيضًا تفسق من الصحابة والتابعين طوائف، وتطعن في كثير منهم وفيما رووه من الأحاديث التي تخالف آراءهم وأهواءهم. وليس انتحال مذهب السلف من شعائرهم. -إلى أن قال: فالمقصود هنا أن المشهورين من الطوائف بين أهل السنة والجماعة بالبدعة، ليسوا منتحلين للسلف فعلم أن شعار أهل البدع هو ترك انتحال إتباع السلف.
وأما متكلمة أهل الإثبات من الكلابية والكرامية والأشعرية، مع الفقهاء والصوفية وأهل الحديث فهؤلاء في الجملة لا يطعنون في السلف؛ بل قد يوافقونهم في أكثر جمل مقالاتهم، لكن كل ما كان بالحديث من هؤلاء أعلم، كان بمذهب السلف أعلم وله اتبع؛ وإنما يوجد تعظيم السلف عند كل طائفة بقدر استنانها وقلة ابتداعها.
أما أن يكون انتحال السلف من شعائر أهل البدع، فهذا باطل قطعًا، فإن