للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ولذا نرى كثيرًا من أئمة الإسلام؛ إذ ذكر أمرًا من أمور الاعتقاد يحرص على بيان قول السلف والأئمة المقتدى بهم المتفق على إمامتهم في السنة، ليعلم أن مخالفهم سار على غير هديهم؛ فإما أن يكونوا على الهدى والصواب والسنةن أو يكون مخالفهم هو المصيب، ولا شك أنهم بالحق والصواب أولى؛ لما عرفنا من فضلهم وعلمهم وحرصهم على السنة والتمسك بها.

وذلك كقول الإمام أحمد بن حنبل في مقدمة رسالة "السنة" له: "هذه مذاهب أهل العلم وأصحاب الأثر وأهل السنة المتمسكين بعروتها، المعروفين بها المقتدي بهم فيها من لدن أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى يومنا هذا، وأدركت من علماء الحجاز والشام وغيرهما عليها؛ فمن خالف شيئًا من هذه المذاهب أو طعن فيها أو عاب قائلها فهو مخالف مبتدع وخارج عن الجماعة زايل عن منهج السنة وسبيل الحق"، ثم ذكر قولهم في مسائل الاعتقاد١.

وكذلك قول الإمامين أبي حاتم "ت ٢٧٧ هـ"، وأبي زرعة "ت ٢٦٤ هـ" الرازيين: "أدركنا العلماء في جميع الأمصار حجازًا، وعراقًا وشامًا، ويمنًا؛ فكان من مذهبهم الإيمان قول وعمل يزيد وينقص"٢.

وقول الإمام الأوزاعي: "كنا والتابعون متوافرون نقول إن الله عز وجل فوق عرشه ونؤمن بما وردت بها لسنة من صفاته"٣.

وهكذا كان أهل العلم من الأئمة يحرصون على أن يبينوا ما ذكروه وما قالوه في مسائل الاعتقاد هو قول من سبقهم من أئمة السلف من الصحابة والتابعين وتابعيهم ليعلم أن ما خالف ذلك فليس هو من قولهم ولا من هديهم، وأنه من أقوال أهل البدع والخلاف.


١ انظر: السنة ص ٣٣- ٣٤، مع الرد على الجهمية.
٢ اللالكائي، شرح أصوال اعتقاد أهل السنة ١/ ١٧٦.
٣ الذهبي، العلو ص ١٠٢، وقال: أخرجه البيهقي في كتاب الأسماء والصفات.

<<  <   >  >>