وبإلقاء نظرة فاحصة على أجزاء هذا المنهج يتضح لنا بدون أدنى مواربة أن الحكم النهائي في تفسير النص، وقبوله أو رده؛ إنما هو للعقل والمنطق، وهذا منهج أهل الكلام والبدع يعرضون النصوص على العقول فما أجارته وقبلته، أجيز وما لا فلا بد من التصرف فيه بالرد أو التأويل أو بإبطال مفعوله وإيقافه عن العمل في بعض الأبواب دون بعض، وما كان هذا المنهج في يوم من الأيام هو منهج السلف.
ولنسر مع الدكتور البوطي وهو يوضح موقف العقل من نصوص الشرع، بعد أن قسم الحديث إلى متواتر، وآحاد، وضعيف؛ فيقول في المتواتر:"وإنما موقف العقل منه هو القبول والإذعان، أيًا كان هذا العقل، وأيًا كان صاحبه ومهما كانت نحلته؛ فإن العقل الإنساني لا يرتاب في صحة خبر امتد إليه ابتداء من مصدره، عن طريق جموع غفيرة متصلة".
ثم يقول في موقف العقل من خبر الآحاد:"هذا القسم الثاني من الأخبار يسمى صحيحًا، وموقف العقل منه هو الاطمئنان غليه والوثوق به على سبيل الترجيح لا الجزم؛ فإن العقل يظل يجيز احتمال أن يكون قد تسلل إلى الخبر شائبة وهم، من جهة نسيان، أو خطأ أو ذهول وقع من بعض رواته، ومهما كان هذا الاحتمال بعيدًا؛ نظرًا لتوافر شروط الصحة فيه؛ فإنه يظل احتمالا وأردًا.
ولأجل هذا الاحتمال البعيد، يضرب فضيلة الدكتور البوطي ومن قبله أصحاب هذا المنهج من أسلافه عن توفر شروط الصحة في حديث الآحاد صفحًا، ويقرر أن: "هذا القسم لا تتكون منه حجة ملزمة في نطاق الاعتقاد؛ بحيث يقع الإنسان في طائلة الكفر إن هو لم يجزم بمضمون خبر صحيح لم يرق إلى درجة التواتر، وبقي في حدود الآحاد، بل يسعه أن لا يجزم به دون أن