للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فهذا اعتقاد الفرقة الناجية المنصورة إلى قيام الساعة، أهل السنة والجماعة"١، ويقول في آخر هذه العقيدة أيضًا: وهم -أي: أهل السنة- الطائفة المنصورة الذين قال فيهم النبي صلى الله عليه وسلم: "ولا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة لا يضرهم من خالفهم ولا من خذلهم حتى تقوم الساعة" ٢.

وما ورد في بعض الروايات من أن هذه الطائفة هم أهل الشام، كما جاء في حديث سعد بن أبي وقاص؛ قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يزال أهل الغرب ظاهرين على الحق حتى تقوم الساعة" ٣.

قال الإمام أحمد بن حنبل: "هم أهل الشام"٤، وقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: "وهم بالشام"٥؛ فلا ينافي تفسير الأئمة بأنهم أهل الحديث؛ فالطائفة المنصورة هم أهل الحديث والسنة سواء كانوا في الشام أم في غيرها، ولا يمنع أن يكون أهل الشام في بعض الأوقات هم الطائفة المنصورة، أو أحق الناس دخولًا فيها لقيامهم بالسنة ودفاعهم عن حمى الإسلام والمسلمين، كما حدث زمن اجتياح التتار بلاد المسلمين في أواخر القرن السابع الهجري؛ فإن أهل الشام في ذلك الوقت كانوا هم الطائفة المنصورة لتمسكهم بالسنة وثباتهم عليها وذودهم عن بلاد المسلمين، ولنستمع لشيخ الإسلام ابن تيمية وهو شاهد حال عاصر الفتنة، وكان من المجاهدين فيها بلسانه وسنانه رحمة الله عليه؛ إذ يقول: "أما الطائفة بالشام ومصر ونحوهما، فهم في هذا الوقت المقاتلون عن دين الإسلام، وهم من أحق الناس دخولًا في الطائفة المنصورة التي ذكر النبي صلى الله عليه وسلم بقوله في الأحاديث الصحيحة المستفيضة عنه: "لا تزال طائفة من أمتي


١ انظر: العقيدة الواسطية بشرح الهراس ص١٤. وقد سبقت الإشارة لذلك ص١٢١.
٢ نفس المصدر ص١٥٧.
٣ م: كتاب الإمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي" ٣/ ١٥٢٥، ح ١٩٢٥.
٤ انظر: الفتاوى لابن تيمية ٢٨/ ٥٣٢.
٥ نفس المصدر والصفحة.

<<  <   >  >>