للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وكل من قال: إنها تقع بإرادة الله وقضائه وقدره وعدوه جبريًا.

نقل الخياط المعتزلي "ت بعد ٣٠٠هـ" عن أبي موسى المردار "ت ٢٢٦هـ" أن: "من وصف الله بأنه يقضي المعاصي على عباده ويقدرها فمسفه لله في فعله، والمسفه لله كافر به، والشارك في قول المشبه والمجبر فلا يدري أحق قوله أم باطل، كافر بالله أيضًا"١؛ فلم يكتف المردار أن يرمي مثبت القدر بالجبر حتى عده كافرًا بل وعدي التكفير إلى من شك في كفره.

وعد القاضي عبد الجبار "ت ٤١٥هـ" وهو من كبار مصنفي المعتزلة ومقرري أصولهم، كل ما أثبت القدر مجبرًا فقال: "والذين يثبتون القدرهم المجبرة؛ فأما نحن فإنا ننفيه، وننزه الله تعالى أن تكون الأفعال بقضائه وقدره"٢.

وعنده كل من قال إن الله خالق أفعال العباد؛ فهو مجبر، يقول في كتاب "متشابه القرآن": "وإن سأل المجبر فقال: إن قوله تعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} ، وفي الأرض الفساد والظلم وأفعال العباد، فيجب أ، يدل ظاهره على أن الخالق لها، ثم قال: والجواب عن ذلك"٣ والشاهد انه عد القول بخلق أفعال العباد من قول المجبرة.

هكذا نرى المعتزلة لا يترددون في إطلاق لقب المجبرة على من يثبت وقوع الأفعال بقضاء الله وقدره، ولذلك عد أئمة السلف من علامات القدرية "تسميتهم أهل السنة مجبرة" كما روى ذلك اللالكائي٤ عن أبي حاتم، وقال الإمام أحمد: "وأما القدرية فيسمون أهل السنة مجبرة"٥.


١ الانتصار ص٥٥.
٢ انظر: شرح الأصول الخمسة ص٧٧٥- ٧٧٦.
٣ ص٧٥.
٤ انظر: شرح أصول اعتقاد أهل السنة ١/ ١٧٩.
٥ انظر: السنة له ص٤٠.

<<  <   >  >>