للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

دينهم، واحتفظوا بكنائسهم ومعابدهم، ولم يفرض عليهم أكثر من ارتداء زي ذي لون خاص، وأداء فرضة عن كل شخص، تختلف باختلاف دخله، ولم تكن هذه الضريبة١ تفرض إلا على غير المسلمين القادرين على حمل السلاح، ويعفي منها الرهبان، والنساء، والذكور الذين هم دون البلوغ، والأرقاء، والشيوخ، والعجزة، والعمي، والشديد والفقر.

وكان الذميون يعفون في نظير هذه الضريبة من الخدمة العسكرية ولا فرض عليهم الزكاة وكان لهم على الحكومة أن تحميهم٢.

وهذا النص يثبت أن المسلمين في الأندلس عاملوا أهل ذمتهم وفق القواعد التي وضعها وحددها الإسلام، وهي قواعد تعطي أهل الذمة أكثر مما تأخذ منهم، توفر لهم الحماية والنصفة، وعدم الظلم أو الهضم وتسبغ الرحمة والعطف على الفقراء وذوي الأعذار، توفر لهم حرية التدين، والاكتساب، وهذا غاية العدل؛ بل هو إلى الفضل أقرب.

٥- اعتراف المستشرق ستانلي لين بول:

نقل عنه صاحب "قصة الحضارة" العبارة التالية:

"لم تنعم الأندلس طول تاريخها بحكم رحيم، عادل، كما نعمت به في أيام الفاتحين العرب"٣.


١ في الواقع ليس ما يؤخذ من الذميين بضريبة؛ وإنما هو الجزية تؤخذ في مقابل توفير المسلمين لهم الحماية والأمان حتى من أعدائهم الخارجيين، ولذلك لما لم يستطع المسلمون أن يفوا لأهل حمص بذلك ردوا عليهم ما أخذوا منهم كما تقدم. وهي أيضًا في مقابل تمتع الذمي بالخدمات العامة التي تقدمها الدولة.
٢ قصة الحضارة ١٣/ ١٣٠- ١٣١، "ط. الثالثة ١٩٧٤ م. نشر: لجنة التأليف والنشر، ترجمة محمد بدران".
٣ عن كتاب حكم المسلمين في أسبانيا، كما ذكر المترجم في حاشية قصة الحضارة ١٣/ ٢٩٢؛ على أن لا نسلم له عبارة: "الفاتحن العرب" فهي من درس المستشرقين، فغن هذه البلدان وغيرها إنما فتحها المجاهدون المسلمون لنشر دين الله في أرضه وبين خلقه لا لشيء آخر.

<<  <   >  >>