للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

اللَّهِ} ١.

يقول الحافظ ابن كثير: "ذلكم أنهم يأكلون الدنيا بالدين ومناصبهم ورياستهم في الناس، يأكلون أموالهم بذلك"٢.

ولعل من أبرز مظاهر ذلك ما تمارسه الكنيسة من إصدار ما عرف بـ"صكوك الغفران"٣ وهي صكوك يصدرها أهل السلطة في الكنيسة من البابوات والمطارنة، والبطارقة، والقساوسة، باسم الكنيسة، يغفر بمقتضاها لحاملها ما اقترفه من الآثام والخطايا في حياته، مقابل أن يدفع مبالغ للكنيسة وهذا إلى جانب كونه أكلًا لأموال الناس بالباطل هو أيضًا قول على الله بلا علم وافتراء عليه، وتعد على ألوهيته عز وجل؛ إذ لا يملك غفران الذنوب والعفو عنها إلا هو سبحانه، ولكن القوم ضلوا ضلالًا بعيدًا.

ومن صور جور هذه الأمة وعدم عدلها. أن كل فرقة وطائفة منها، إذا تسلطت على الفرق الأخرى، أذاقتها ألوانًا من الظم والبطش والاضطهاد ولم ترقب فيها إلا ولا ذمة. يقول د. أحمد شلبي: "تكرر في تاريخ المسيحية حدث عظيم لم يتخل، وهو التجاء الجانب القوي إلى أعنف وأقسى وسائل الاضطهادات، والتعذيب، والتنكيل، والحرق، والإفناء يسلطها على الجانب الضعيف. والعجيب أن المسيحيين اضطهدوا من اليهود والرومان، ونزلت بهم الويلات في القرون الثلاثة الأولى؛ فلما بدأ جانبهم يشتد رأيناهم ينزلون نفس الويلات بمخالفيهم من أبناء دينهم، ومن اتباع الأديان الأخرى، ومن هنا فنيت مذاهب مسيحية كثيرة كان بعضها في وقت ما، له الغلبة في العدد ولكن


١ سورة التوبة آية ٣٤.
٢ تفسير القرآن العظيم ٤/ ٨٠.
٣ للاطلاع على صورة وفحوى هذه الصكوك راجع كتاب محاضرات في النصرانية، لأبي زهرة ص ١٧٢، ط. دار الفكر. والمسيحية، للدكتور أحمد شلبي ص ٢٥٤ ط. السادسة ١٩٧٨.

<<  <   >  >>