للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

تنقصه القوة والسلطان، وكان فناء هذه المذاهب بسبب قسوة اليهود والرومان أحيانًا، وأحيانًا بسبب قسوة فرق مسيحية أخرى قويت واشتدت بالأباطرة وذوي النفوذ"١.

وهذا مصداق قوله تبارك وتعالى: {وَمِنَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى أَخَذْنَا مِيثَاقَهُمْ فَنَسُوا حَظًّا مِمَّا ذُكِّرُوا بِهِ فَأَغْرَيْنَا بَيْنَهُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَسَوْفَ يُنَبِّئُهُمُ اللَّهُ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} ٢.

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: "أي: فألقينا بينهم العداوة والتباغض لبعضهم بعضًا، ولا يزالون كذلك إلى قيام الساعة، وكذلك طوائف النصارى على اختلاف أجناسهم لا يزالون متباغضين متعادين، يكفر بعضهم بعضًا، ويلعن بعضهم بعضًا؛ فكل فرقة تحرم الأخرى ولا تدعها تلج معبدها، فالملكية٣ تكفر اليعقوبية٤، وكذلك الآخرون، وكذلك النسطورية٥.


١ المسيحية ص٢٣٧.
٢ سورة المائدة: آية ١٤.
٣ الملكية، أو الملكانية: أصحاب ملكان الذي ظهر بأرض الروم، ومعظم الروم ملكانية، صرحوا بإثبات التثليث، وقالوا: إن الكلمة اتحدت بجسد المسيح، وتدرعت بناسوته. انظر عنها: الشهرستاني، الملل والنخل ٢/ ٢٧.
٤ اليعقوبية: نسبة إلى يعقوب البراذعي، مصري ظهر في منتصف القرن الاسدس الميلادي. وهم الذين يقولون بأن المسيح ذو طبيعة واجدة قد امتزج فيه عنصر الإله بعنصر الإنسان، وتكون من الاتحاد طبيعية واحدة جامعة بين اللاهوت والناسوت. انظر: محاضرات في النصرانية ص١٤٠، ١٥٩.
٥ النسطورية: نسبة إلى نسطور الحكيم الذي ظهر في زمان المأمون، كان بطريرك القسطنطينية، يرى أن العذراء لم تلد إلهًا بل ولدت إنسانًا، وهو يرى أن الأقنوم الثاني وهو الابن لم يتجسد وتلده مريم كما يرى غيره من المثلثين. انظر: الشهرستاني، الملل ٢/ ٢٩، ومحاضرات في النصرانية، لأبي زهرة ص١٥٧.

<<  <   >  >>