للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وَإِلَى طَرِيقٍ مُسْتَقِيمٍ، يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ وَآمِنُوا بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مِنْ ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيم} ١.

قال الإمام البيهقي: "فبان بقوله: {يَا قَوْمَنَا أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّهِ} أنهم عرفوا أنه مبعوث إليهم، وسمعوا دعوته إياهم والذين لم يحضروه من جملتهم؛ فلذلك قالوا: يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به، فقالوا: آمنا به"٢، كما دل على ذلك قوله عز وجل: {قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} ٣.

وقال الإمام ابن كثير في تفسيره لآية "الأحقاف": "فيه دلالة على أنه تعالى أرسل محمدًا صلوات الله وسلامه عليه إلى الثقلين الإنس والجن؛ حيث دعاهم إلى الله وقرأ عليهم السورة التي فيها خطاب الفريقين وتكليفهم ووعدهم ووعيدهم، وهي سورة الرحمن، ولهذا قال: {أَجِيبُوا دَاعِيَ اللَّه} ٤.

ختم النبوة به:

ومما يدل على مبلغ فضله صلى الله عليه وسلم وعلو مقامه، أن الله ختم به النبوات، وبرسالته الرسالات، فلا تحتاج البشرية بعده إلى نبي، ولا بعد رسالته ودينه الكامل الشامل إلى رسالة أو دين. يقول عز وجل: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ} ٥.

وفي الصحيح من حديث أبي هريرة رضي الله عنه، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم


١ سورة الأحقاف آية ٢٩- ٣١.
٢ الجامع لشعب الإيمان، "ط. الأولى ١٤٠٨ هـ ١٩٨٨ م. نشر: الدار السلفية، بومباي - الهند"، ٤/ ١٠٤.
٣ سورة الجن: آية ١- ٢.
٤ تفسير القرآن العظيم ٧/ ٢٨٦.
٥ الأحزاب: آية ٤٠.

<<  <   >  >>