للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على أن موسى عليه السلام لم يعمل تمثالًا نحاسيًا للحية؛ وإنما كانت عصاه تنقلب إلى حية تسعى معجزة له، ثم تعود سيرتها الأولى بعد ذلك عصا يتوكأ عليها ويهش بها على غنمه؛ لكن لعل بني إسرائيل عملوا ذلك ونسبوه إلى موسى عليه السلام لتروج عند الناس ويعظموها ويعبدوها. والله تعالى أعلم.

وأما الأمر الثاني: وهو قولهم بالتشبيه ووصف الخالق بصفات المخلوق:

وهذا أمر مشهور عنهم، حتى عده الشهرستاني١ من طباعهم الملازمة لهم؛ فإن القوم أسرفوا في تشبيه الله عز وجل بالمخلوق، ووصفوه جلا وعلا بالنقائص التي تختص بالمخلوق.

ولقد سجل القرآن الكريم عليهم صورًا من ذلك. وكتابهم الذي بين أيديهم ينضح بالكثير من ذلك. ونحن نذكر يما يلي نماذج من أقوالهم التي شبهوا فيها الخالق عز وجل بخلقه:

١- فمن ذلك: "وصفهم الله بالفقر".

وهو صفة لا تليق بخالق البشر؛ ولكن القوم لا عقول لهم ولا حياء عندهم. يقول عز وجل في ذلك: {لَقَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّذِينَ قَالُوا إِنَّ اللَّهَ فَقِيرٌ وَنَحْنُ أَغْنِيَاءُ سَنَكْتُبُ مَا قَالُوا وَقَتْلَهُمُ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذَابَ الْحَرِيقِ} ٢.

٢- ومن ذلك: "وصفهم له بأن يده مغلولة".

قال عز وجل ذاكرًا قولهم هذا: {وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ} ٣.


١ انظر: الملل والنحل ١/ ١٠٦.
٢ سورة آل عمران: آية ١٨١.
٣ سورة المائدة: آية ٦٤.

<<  <   >  >>