للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الْجِبَالُ هَدًّا، أَنْ دَعَوْا لِلرَّحْمَنِ وَلَدًا، وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَدًا، إِنْ كُلُّ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ إِلَّا آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا} ١؛ فأنكر قولهم، ونزه نفسه عن أن يكون له ولد.

وبين سبحانه في آية أخرى أن الولد لا يكون إلا من صاحبة، وهو سبحانه لا صاحبة له؛ فقال عز وجل: {بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} ٢.

قال ابن كثير في تفسيره هذه الآية: "أي: كيف يكون له ولد، ولم تكن له صاحبة؟ أي: والوالد إنما يكون متولدًا عن شيئين متناسبين، والله لا يناسبه ولا يشابهه شيء من خلقه؛ لأنه خالق كل شيء، فلا صاحبه له ولا ولد"٣.

وقد بين سبحانه في الحديث القدسي، أن من نسب إليه اتخاذ الولد فقد شتمه وسبه بقوله ذلك؛ ففي الصحيح عن ابن عباس رضي الله عنهما، عن النبي صلى الله عليه قال: "قال الله: كذبني ابن آدم ولم يكن له ذلك، وشتمني ولم يكن له ذلك؛ فأما تكذيبه إياي؛ فزعم أني لا أقدر أن أعيده كما كان، وأما شتمه إياي فقوله: لي ولد، فسبحاني أن أتخذ صاحبة أو ولدًا" ٤.

الثاني: زعمهم أن الله سبحانه وتعالى عن قولهم علوًا كبيرًا "ينزل من السماء وتجسد من روح القدس وصار إنسانًا وحبل به وولد من مريم البتول وقتل وصلب"٥.


١ سورة مريم: آية ٨٨- ٩٣.
٢ سورة الأنعام: آية ١٠١.
٣ تفسير القرآن العظيم ٣/ ٣٠٢.
٤ خ: كتاب التفسير، باب {وَقَالُوا اتَّخَذَ اللَّهُ وَلَدًا سُبْحَانَهُ} ٨/ ١٦٨، ح ٤٤٨٢. ورواه من حديث أبي هريرة في باب {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} ٨/ ٧٣٩، ح ٤٩٧٤.
٥ هذا نص ما جاء في أمانتهم المشهورة، انظر الشهرستاني، الملل والنحل ٢/ ٢٨.

<<  <   >  >>