للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بخلق القرآن وناظر عليه١.

إذًا فهناك اتصال بين أقطاب التجهم وبين رواد الاعتزال، على إثره انتقلت بعض أفكار الجهمية ومذاهبهم إلى المعتزلة الذين تبنوها ودافعوا عنها؛ حتى أصبح يطلق عليهم الجهمية أيضًا لشدة تأثرهم بمقولة جهم وأتباعه؛ ولا سيما في نفي الصفات، والرؤية، والقول بخلق القرآن، قال القاسمي: "إن تلقيبهم -أي: المعتزلة- بالجهمية إنما كان لما وجد من موافقتهم للجهمية في تلك المسائل -أي: نفي الرؤية والصفات- مع مراعاة سبقهم فيها على المعتزلة، وتمهيدهم السبيل للتوسع فيها -قال- فاحفظه"٢.

وهذه بعض النقول التي استقيناها من كتب القوم، وكتب الفرق والمقالات التي دونت أقوالهم ومذاهبهم، والتي تبين رأيهم ومعتقدهم في باب أسماء الله وصفاته.

يقول ابن المرتضى المعتزلي في بيان ما أجمعت عليه المعتزلة: "وأما ما أجمعوا عليه فقد أجمعت المعتزلة على أن للعالم محدثًا، قديمًا، قادرًا، عالمًا، حيًا، لا لمعان، ليس بجسم، ولا عرض، ولا جوهر عينًا واحدًا لا يدرك بحاسة"٣.

وقوله: "لا لمعان"؛ معناه: أنهم يثبتون كونه عز وجل قادرًاِ، عالمًا، حيًا، أسماء مجردة لا تدل على صفات؛ فهو قادر بدون قدرة، عالم بلا علم حي بلا حياة. يوضح هذا:

قول الشهرستاني: "والذي يعم طائفة المعتزلة من الاعتقاد: القول: بأن الله تعالى قديم والقدم أخص وصف ذاته، ونفوا الصفات القديمة أصلًا فقالوا:


١ راجع: ميزان الاعتدال ١/ ٣٢٢.
٢ انظر: تاريخ الجهمية والمعتزلة ص ٦٠.
٣ المنية والأمل ص ٦.

<<  <   >  >>