للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لمن عمله. نرجو للمحسنين من المؤمنين أن يعفو عنهم، ويدخلهم الجنة برحمته، ولا نأمن عليهم ولا نشهد لهم بالجنة١. ونستغفر لمسيئهم، نخاف عليهم ولا نقنطهم. ولا يخرج العبد من الإيمان إلا بجحود ما أدخله فيه.

وأهل الكبائر من -أمة محمد صلى الله عليه وسلم-٢ في النار لا يخلدون إذا ماتوا وهم موحدون وإن لم يكونوا تائبين، يعد أن لقوا الله عارفين مؤمنين، وهم في مشيئته وحكمه؛ إن شاء غفر لهم وعفا عنهم بفضله، كما ذكر عز وجل في كتابه {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} ٣ وإن شاء عذبهم في النار بعدله. ثم يخرجهم منها برحمته وشفاعة الشافعين من أهل طاعته ثم يبعثهم إلى جنته؛ وذلك بأن الله تعالى تولى أهل معرفته، ولم يجعلهم كأهل نكرته الذين خابوا من هدايته، ولم ينالوا من ولايته"٤.

وهذا الإمام عبيد الله بن بطة "٣٠٤- ٣٨٧ هـ" ينقل إجماع علماء السلف على ذلك فيقول: "وقد أجمعت العلماء لا خلاف بيهم أنه لا يكفر أحد


١ قال الشيخ عبد العزيز بن بازر معلقًا على قول الإمام الطحاوي، "ولا نشهد لهم بالجنة": "مراده رحمه الله إلا من شهد له الرسول صلى الله عليه كالعشرة ونحوهم كما يأتي ذلك في آخر كلامه، مع العلم بأن عقيدة أهل السنة والجماعة الشهادة للمؤمنين والمتقين على العموم بأنهم من أهل الجنة، وأن الكفار والمشركين والمنافقين من أهل النار، كما دلت على ذلك الآيات الكريمات والسنة المتواترة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ومن ذلك قوله سبحانه: {إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} [الطور: ١٧] إلخ. انظر تعليقه على: العقيدة الطحاوية ص٢٠. مكتبة الصديق.
٢ ذكر الشيخ الألباني أن هذه الجملة لم ترد في بعض النسخ، وقال: وحذفها أصح؛ لأن مفهومها أن أهل الكبائر من غير أمة محمد صلى الله عليه وسلم قبل نسخ الشرائع به حكمهم مخالف لأهل الكبائر من أمة محمد صلى الله عليه وسلم وفي ذلك نظر. فإن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يخرج من النار ممن كان في قلبه مثقال ذرة من إيمان"، ولم يخص أمته بذلك بل ذكر الإيمان مطلقًا، فتأمله". انظر: العقيدة الطحاوية، "شرح وتعليق محمد ناصر الدين الألباني، ص٤٥، المكتب الإسلامي، ١٤٠٨ هـ".
٣ سورة النساء آية ٤٨.
٤ انظر: العقيدة الطحاوية، بتعليق الشيخ ابن باز ص ١٩- ٢٠، ٢١، ٢٣، ٢٤.

<<  <   >  >>