للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مسلم عن يحيى بن يعمر١ قال: "كان أول من قال في القدر بالبصرة معبد الجهني. ثم ذكر يحيى أنه لقي عبد الله بن عمر بن الخطاب رضي الله عنهما فقال: يا أبا عبد الرحمن إنه قد ظهر قبلنا ناس يقرءون القرآن ويتقفرون٢ العلم. وإنهم يزعمون أن لا قدر، وأن الأمر أنف٣، فقال ابن عمر منكرًا عليهم ذلك: فإذا لقيت أولئك فأخبرهم أني بريء منهم، وأنهم براء مني، والذي يحلف به عبد الله بن عمر لو أن لأحدهم مثل أحد ذهبًا فأنفقه، ما قبل الله منه حتى يؤمن بالقدر"٤.

ومعبد إنما تلقى هذه المقالة عن رجل نصراني، كان قد أسلم ثم تنصر مرة أخرى؛ فكان معبد أول من نشر ذلك ونادى به وأظهره، ولا سيما بالبصرة كما تقدم.

قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: "أول من نطق في القدر رجل من أهل العراق يقال له: سوسن٥، وكان نصرانيًا فأسلم، ثم تنصر، فأخذ عنه معبد الجهني وأخذ غيلان٦ عن معبد"٧.


١ يحيى بن يعمر بفتح التحتانية والميم بينهما مهملة ساكنة، البصري نزيل مرو وقاضيها، ثقة فصيح، وكان يرسل، مات قبل المائة وقيل بعدها. انظر: ابن حجر: التقريب ٢/ ٣٦١.
٢ يتقفرون العلم: أي: يطلبونه ويتتبعونه. شرح النووي على صحيح مسلم ١/ ١٥٥.
٣ أنف: أي: مستأنف، لم ييسبق به قدر ولا علم من الله تعالى؛ وإنما يعمله بعد وقوعه. المصدر نفسه ١/ ١٥٦.
٤ م: كتاب الإيمان، باب بيان الإسلام والإيمان ١/ ٣٦، ح ٨.
٥ قيل: اسمه سوسن، وقيل: سنسويه وقيل: سنهويه، وقيل غير ذلك، ولم أقف له على ترجمة.
٦ تقدمت ترجمته ص ٢٩٥.
٧ الآجري، الشريعة ص ٣٤٣، واللالكائي، شرح أصول اعتقاد أهل السنة ٤/ ٧٥٠، ح ١٣٩٨.

<<  <   >  >>