للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ابن تيمية رحمه الله عليه وعلى سائر أمة سلفنا الصالحين:

"وأما جمهور أهل السنة المتبعون للسلف والأئمة فيقولون: إن فعل العبد فعل له حقيقة؛ ولكنه مخلوق لله ومفعول لله، لا يقولون هو نفس فعل الله، ويفرقون بين الخلق والمخلوق والفعل والمفعول"١.

وقال في موضع آخر: "وأما سائر أهل السنة فيقولون: إن أفعال العباد فعل لهم حقيقة. ويقول جمهورهم الذين يفرقون بين الخلق والمخلوق: أنها مخلوقة لله ومفعولة له، ليست هي نفس فعله وخلقه الذي هو صفته القائمة به"٢.

فيرون أن الفعل غير المفعول؛ فحركاتهم واعتقاداتهم أفعال لهم حقيقة، وهي مفعولة لله سبحانه مخلوقة له حقيقة، والذي قام بالرب عز وجل علمه وقدرته ومشيئته وتكوينه، والذي قام بهم هو: فعلهم وكسبهم وحركاتهم وسكناتهم، فهم المسلمون المصلون القائمون القاعدون حقيقة، وهو سحبانه المقدر لهم على ذلك، القادر عليه الذي شاءه منهم وخلقه لهم٣.

ويقول شارح "الطحاوية" بعد أن ذكر قول الجبرية والقدرية في ذلك: "وقال أهل الحق: أفعال العباد بها صاروا مطيعين وعصاة، وهي مخلوقة لله تعالى، والحق سبحانه وتعالى منفرد بخلق المخلوقات لا خالق لها سواه"٤.

وبعد: فمن خلال هذا العرض لأقوال الجبرية، والقدرية، وأهل السنة، نرى أن أهل السنة جمعوا ما في قول الطائفتين من حق فقالوا به، ولم يوافقوا أيًا


١ انظر: منهاج السنة ٢/ ٢٩٨.
٢ انظر: نفس المصدر ١/ ٤٥٩- ٤٦٠.
٣ ابن القيم، شفاء العليل ٥٢.
٤ انظر: ابن أبي العز، شرح الطحاوية ص ٤٩٣.

<<  <   >  >>