للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن نظر في سيرة القوم بعلم وبصيرة، وما من الله عليهم به من الفضائل علم يقينًا أنهم خير الخلق بعد الأنبياء، ولا كان ولا يكون مثلهم، وأنهم الصفوة من قرون هذه الأمة التي هي خير الأمم، وأكرمها على الله"١.

وبعد فهذه عقيدة أهل السنة في أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وهذه أقوالهم فيهم، دونها هؤلاء، الأئمة، كما دونها غيرهم، كلهم متفقون على معرفة حقهم وفضلهم، وتوقيرهم والترضي عنهم، ليس لأحد منهم خلاف في ذلك.

ومن خلال هذه الأقوال تتجلى وسطية أهل السنة، ويبرز اعتدالهم واقتصادهم.

فهم وسط: لأنهم لم يكفروا أحدًا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ في حين أن كلًا من الخوارج والمعتزلة، والشيعة كفروا أو فسقوا طوائف منهم، كما تقدم ذكر ذلك.

وهم وسط: في التولي والتبري: فكل من فريقي الغلاة والجفاة يتولى فريقًا من الصحابة ويتبرأ من أكثرهم أو كثير منهم كما سبق بيانه.

وأهل السنة: يتولون جميع الصحابة ولا يتبرؤون من أحد منهم.

وهم وسط: لأنهم يترضون عن جميع الصحابة، ويترحمون عليهم ويستغفرون لهم كما أمر الله، ولا يسبون أو يشتمون أحدًا منهم؛ بينما كل من الخوارج وبعض أئمة المعتزلة، والشيعة، لا يترضون عن الجميع، ولا يترحمون أو يستغفرون لطوائف من الصحابة، ولبعضهم فيهم سب وشتم ونسبة إلى الجهل والظلم والفسق كما تقدم إيضاحه عنهم.

وهم وسط: لأنهم يشهدون ويعتقدون من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم خير خلق الله بعد الأنبياء، وأن خيرهم: الخلفاء الأربعة الراشدون فيما يطعن كل


١ انظر: العقيدة الواسطية بشرح الهراس ص ١٤٢- ١٥١.

<<  <   >  >>