وقال يهجو بني بجاد، وهم من بني عبس:
أفيما مضى من سالفِ الدهرِ تدكرْ ... أحاديثَ لا ينسيكها الشيبُ والعمرْ
طربتَ إلى منْ لا تواتيكَ دارهُ ... ومن هوَ ناءٍ عن طلابكمُ عسرْ
إلا طفلةِ الأطرافِ زين جيدها ... مع الحليِ والطيبِ المجاسدُ والخمرْ
الطفلة: اللينة الناعمة. والمجسد: ما صبغَ بالزعفران أو العصفر حتى ييبس من كثرة صبغه.
من البيض كالغزلان والحورِ كالدمى ... حسانٌ عليهنَّ المعاطفُ والأزرْ
ترى الزعفرانَ الوردَ فيهنَّ شاملاً ... ومسكاً ذاكياً خالصاً ريحهُ ذفرْ
عليلاً على لباتِ بيضٍ كأنها ... نعاجُ الملا فيها المقاليتُ والنزُرْ
المقاليت: واحدتهنَّ مقلات، وهي التي لا يعيش لها ولد. والنزر: القليلات الأولاد، الواحدة نزور؛ من قولهم: عطاءٌ نزرٌ. والعليل: الذي يعلُّ به مرةً بعد مرة.
بني عمنا إنَّ الركابَ بأهلها ... إذا ساَءا المولَى تروحُ وتبتكرْ
يقول: إذا ركبها ابنُ العمّ بمكروهٍ رحلتْ عنه.
بني عمنا ما أسرعَ اللومَ منكمُ ... إلينا ولا نجني عليكم ولا نجر
ونشربُ رنقَ الماءِ من دونِ سخطكمْ ... وما يستوي الصافي من الماءِ والكدرْ
غضبتم علينا أن قتلنا بخالدٍ ... بني مالكٍ ها إنَّ ذا غضبٌ مُطِرّ
مُطِرّ: مُدِلّ. يقال: أتانا مطراً؛ أي مدلاً، إذا تجاوز القدر. وقال غير الأصمعي: مطرٌ: عامّ.
وكنا إذا دارت عليكم عظيمةٌ ... نهضنا فلم ينهضْ ضعاف ولا ضجرْ
ونحنُ إذا ما الخيلُ جاءتْ كأنها ... جرادٌ زفتْ أعجازه الريحُ منتشرْ