للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتسابقها في ميدان واحد ترى فيها اختلافا نوعيا، وتباينا بعيدا في الأشكال والألوان والأعمال. فما السبب في هذا التباين والتفاوت؟ وإن سئل دارون عن الأشجار القائمة على غابات الهند والنباتات المتولدة فيها من أزمان بعيدة لا يحددها التاريخ إلا ظنا. وأصولها تضرب في بقعة واحدة، وفروعها تذهب في هواء واحد، وعروقها تسقى بماء واحد. فما السبب في اختلاف كل منها عن الأخر في بنيته وشكل أوراقه وطوله وقصره وضخامته وزهره وثمره وطعمه ورائحته وعمره. فأي فاعل خارجي أثر فيها حتى خالف بينها مع وحدة المكان والماء والهواء؟ أظن لا سبيل إلى الجواب سوى المعجز عنه "جمال الدين الأفغاني: ٤٢-٤٣".

ويشير الأفغاني إلى فكرة أخرى لدارون فيقول: ومن واهياته، أي داروين ما كان يرويه من أن جماعة كانوا يقطعون أذناب كلابهم، فلما واظبوا على عملهم هذا قرونا، صارت الكلاب تولد بلا أذناب، كأنه يقول حيث لم تعد للذنب حاجة كفت "أي توقفت" الطبيعة عن هبته "أي إعطائه". ويرد الأفغاني على ذلك بقوله: وهل صمت أذن هذا المسكين عن سماع خبر العبرانيين والعرب وما يجرونه من الختان ألوفا من السنين، ولا يولد مولود حتى يختن. وإلى الآن لم يولد واحد منهم مختونا إلا لإعجاز "المرجع السابق: ٤٤-٤٥".

<<  <   >  >>