للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[شرف العلم وفضله]

يورد الماوردي في أول كلامه عن أدب العلم في الباب الثاني من كتاب أدب الدنيا والدين قوله عز وجل: {قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ} . ويعلق على ذلك بقوله إن الله سبحانه وتعالى منع المساواة بين العالم والجاهل لما قد خص به العالم من فضيلة العلم. وهو يورد أمثلة كثيرة على شرف العلم وفضله على صاحبه. منها قول عبد الملك بن مروان لبنيه: يا بني تعلموا العلم. فإن كنتم سادة فقتم، وإن كنتم وسطا سدتم، وإن كنتم سوقة عشتم.

ويقول الماوردي في المفاضلة بين العلوم: إن العلوم شريفة ولكل علم منها فضيلة والإحاطة بجميعها محال. ويقول أيضا إنه لا حد للعلم ولا نهاية ويذكر ما وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "من ظن أن للعلم نهاية، فقد بخسه حقه ووضعه في غير منزلته التي وصفه الله بها حيث يقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} " وقول بعض العلماء: "المتعمق في العلم كالسابح في البحر ليس يرى أرضا ولا يعرف طولا ولا عرضا". وهو يعتبر أن أفضل العلوم علوم الدين ويورد قول النبي صلى الله عليه وسلم: "العلماء ورثة الأنبياء" ويعلق على ذلك بقوله: لأن الأنبياء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم.

ومن قبيل المقارنة بين فضل العلم وفضل المال يفضل الماوردي العلم على المال ويورد قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه في فضل العلم على المال "العلم خير من المال. العلم يحرسك وأنت تحرس المال. العلم حاكم والمال محكوم عليه. مات خزان الأموال وبقي خزان العلم أعيانهم مفقودة وأشخاصهم في القلوب موجودة".

وقيل لبزر جمهر العلم أفضل أم المال؟ فقال: بل العلم. قيل: فما بالنا نرى العلماء على أبواب الأغنياء ولا نكاد نرى الأغنياء على أبواب العلماء؟ قال: ذلك لمعرفة العلماء بمنفعة المال وجهل الأغنياء بفضل العلم.

<<  <   >  >>