للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[الشيخ محمد عبده وآراؤه التربوية]

[مدخل]

...

٤- الشيخ محمد عبده وآراؤه التربوية:

١٨٤٩-١٩٠٥م

يعتبر الإمام الشيخ محمد عبده من أنصار الحركة الإصلاحية السلفية التي سبقت الإشارة إليها وكان داعية إلى الجامعة الإسلامية التي تزعمها أستاذه جمال الدين الأفغاني الذي كان يعتبر في نظر الإمام محمد عبده نابغة العصر وأستاذ الجيل وبخاصة فيما يتعلق بالثورة الفكرية الإسلامية الصحيحة. وقد تأثر محمد عبده بآراء أستاذه وعمل معه.

وكان أكبر تأثير على شخصية الإمام قبل اتصاله بجمال الدين الأفغاني هو تأثير الشيخ درويش خضر أحد أخوال أبيه. وكان رجلا صوفيا طيب القلب ذكي الفؤاد. وقد تحدث محمد عبده نفسه عن ذلك الأثر الطيب الذي تلقاه في ريعان شبابه من الشيخ درويش خضر فقال:

".. ولم أجد إماما يرشدني إلى ما وجهت إليه نفسي إلا ذلك الشيخ الذي أخرجني في بضعة أيام من سجن الجهل إلى فضاء المعرفة ومن قيود التقليد إلى إطلاق التوحيج ... هو "هذا الشيخ" مفتاح سعادتي إن كانت لي سعادة في هذه الدنيا أو هو الذي رد لي ما كان غاب عني من غريزتي وكشف لي ما كان خفيا عني مما أودع في فطرتي". "السيد محمد رشيد رضا: ج١ ص٢٣".

بيد أن تأثير جمال الدين الأفغاني عليه كان قويا. فقد كان الأفغاني قوة دافقة لا تعرف الكلل أو الملل في سبيل إيقاظ الأمة الإسلامية من سباتها وضعفها. وعند حضوره إلى مصر اتصل به محمد عبده وسعد زغلول وإبراهيم اللقاني وإبراهيم الهلباوي ومحمود سامي البارودي وأديب إسحاق وغيرهم. لكن كان محمد عبده أقربهم إلى نفس الأفغاني لما لمسه فيه من سعة العقل وسمو النفس والحماسة للإصلاح ويقول الإمام محمد عبده في تقرير أثر الأفغاني عليه: "إن أبي وهبني حياة أشارك فيها عليا ومحروسا "وهما أخوان له كان مزارعين" والسيد جمال الدين وهبني حياة أشارك فيها محمدا وإبراهيم وموسى وعيسى والأولياء والقديسين". لقد جمع بين الشيخين وحدة الغرض والانسجام الروحي فتلازما وتحابا وكان محمد عبده يرى كأستاذه أنه لا سبيل لإصلاح الأمة

<<  <   >  >>