للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الله يعفو عنه كما يعفو عن كثير. وقد أشرنا إلى قضية الجبر والاختيار في أعمال الإنسان في مكان آخر من هذا الكتاب.

والمصدر الثاني للقيم الخلقية الإسلامية فهو السنة المطهرة فهي مكملة للتشريع الرئيسي وهو القرآن الكريم. فقد كان عليه الصلاة والسلام لا ينطق عن الهوى {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى، عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى، ذُو مِرَّةٍ فَاسْتَوَى، وَهُوَ بِالْأُفُقِ الْأَعْلَى، ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى، فَكَانَ قَابَ قَوْسَيْنِ أَوْ أَدْنَى، فَأَوْحَى إِلَى عَبْدِهِ مَا أَوْحَى} .

وقال تعالى في سورة آل عمران: {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} . وقد دعا المسلمين إلى الأخذ بكل ما جاء به الرسول عليه السلام. وهناك حديثان هامان بصفة خاصة لأنهما مكملان لما أحله الله أو حرمه علينا من الأكل والطعام الأول هو: "أحلت لكم ميتتان ودمان. أما الميتتان فهما السمك والجراد وأما الدمان فهما الكبد والطحال". والثاني هو "حرم عليكم كل ذي ناب من السبع وكل ذي مخلب من الطير". وهذا الحديث رغم خطورة فحواه -لأنه بدونه يباح أكل كل ما يدب على الأرض من سباع وطيور جارحة وهوام- هناك رأي لا يجيز العمل بهذا الحديث على أساس أنه ضعيف أو ليس بحديث مع أنه ورد في الصحيحين. وعلى أساس ذلك أشار الإمام محمد الغزالي في كتابه عن الإسلام خارج حدوده إلى أن لحم الكلب لا يوجد دليل شرعي على تحريم أكله. وقد تألم كاتب هذه السطور عند قراءة هذا الرأي وكان وقتها أستاذا في جامعة قطر حيث يعمل فضيلة الشيخ الدكتور يوسف القرضاوي عميد كلية الشريعة آنذاك. وبمناقشتي معه حول الموضوع ثنى على كلام الشيخ الغزالي وذكر أبياتا شعرية عن مدح المالكية في لحم الكلب مع أنه استند إلى هذا الحديث في كتابه الحلال والحرام في الإسلام. ولما قلت له إن لعاب الكلب نجاسة يتطهر منها بالغسل سبع مرات آخرها بالتراب فقال لي: النجس لعابه فقط. فتعجبت ولم أقتنع وقلت في نفسي إذا كانت القاعدة الفقهية المعمول بها: ما يسكر قليله فكثيره حرام. فلماذا لا يكون ما ينجس قليلة يكون كثيره حراما. وقلت في نفسي أيضا أليس من المعمول به في بعض المذاهب الفقهية الأخذ بالأحاديث الضعيفة في الجوانب الأخلاقية لا سيما في هذا الحديث الهام إذا كان ضعيفا على رأيهم؟ أعود إلى

<<  <   >  >>