للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الفرق بين الأومر والنواهي:

الفرق الرئيسي بين الأوامر والنواهي أن الأخيرة تحريم مطلق يسري في كل مكان وزمان وفي كل الأحوال وبدون أي استثناءات إلا في الحالات التي حددها الإسلام وهي حالة الخطأ والنسيان وما استكره عليه الإنسان. أما الأوامر فليست لها هذه الصفة المطلقة من الإجبار والحتمية. وإنما تتمشى حسب ظروف الفرد. فإذا كان مريضا أو على سفر في حالة الصوم مثلا فعدة من أيام أخر. وللمصلي أن يجمع ويقصر في صلاته في حالة سفره. وباختصار تخضع الأوامر لما ذكره رب العزة في كتابه الكريم {لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا} .

الإيثار ضد الأنانية:

تختلف النظرة الأخلاقية من حيث جانب الإيثار أو الأنانية. فالإيثار تفضيل الإنسان غيره على نفسه. وقد حثنا الإسلام على الإثرة في قوله عز وجل في سورة الحشر: {وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ} . أي يقدمون غيرهم على أنفسهم ولو كانوا محتاجين وقوله عز وجل في سورة آل عمران: {لَنْ تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ} .. والإيثار صفة خلقية محبوبة لأنها تعزز الروابط الاجتماعية بين الناس وتحقق التراحم بينهم. وقد ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: "لا يؤمن أحدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه". وفي مأثور الحكم "ما استحق أن يولد من عاش لنفسه فقط. وقد عبر عن ذلك الشاعر العربي أو العلاء بقوله:

فلا نزلت علي ولا بأرضي ... سحائب ليس تنتظم البلادا

وقد ضرب صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم. أمثلة رائعة في الإيثار سطرها التاريخ. ومن الأمثلة الفذة ما يرويه القرطبي في الجامع لأحكام القرآن "ج١٨ ص٢٨" عن الحذيفة العدوي في قوله: "انطلقت يوم اليرموك أطلب ابن عم لي، ومعي شيء من الماء، وأنا أقول: إن كان به رمق سقيته. فإذا أنا به. فقلت: أسقيك؟ فأشار برأسه أن: نعم. فإذا أنا برجل يقول: آه آه. فأشار إلى ابن عمي أن انطلق إليه. فإذا هو هشام بن العاص، فقلت: أسقيك؟ فأشار أن:

<<  <   >  >>