للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ونظافة المجتمع وحتى لا يتأذى بك الغير. ويضرب مثلا آخر عندما يقال للطفل "اجتهد لكي تكون من العظماء وذوي الرفعة المكانية". والأولى في نظره أن يقال له اجتهد لكي تكون عضوا نافعا للمجتمع والإنسانية. ويرى كونت أن أي مسلك أخلاقي يخالف ذلك يكون خدعة في طيها جنابة "كريسون: ص٢٥٤".

ويبدو من هذه النظرة الأخلاقية أن "كونت" يفرق بل يبالغ في تأكيد الجانب الاجتماعي وتغليبه على الجانب الفردي. وفي هذه النقطة بالذات نجد أن النظرة الإسلامية تختلف. فهي وإن أكدت أهمية جانب المجتمع والإنسانية بصفة عامة فإنها لا تغفل أيضا جانب الفرد. فإذا عدنا للمثال السابق وهو مثال الطفل، نجد أن النظرة الإسلامية تجمع بين قولنا للطفل كن نظيفا لتحافظ على صحتك وبين كونه نظيفا ليحافظ على سلامة المجتمع وحتى لا يتأذى به الغير.

وبالمثل يمكن القول في المثال الثاني الخاص بالاجتهاد ليكون الطفل من ذوي الرفعة وليكون أيضا عضوا نافعا للمجتمع والإنسانية. وقد سبق أن أشرنا إلى أن التربية الإسلامية هي تربية فردية واجتماعية معا.

إن الإيثار وحب الغير فضيلة أخلاقية تجلب حب الناس وبالتالي حب الله. أما الأنانية فهي رذيلة ممحوجة لا تجلب لصاحبها إلا الكراهية والنفور وبعض الناس له وبالتالي بغض ربه وخالقه.

الطبيعة الإنسانية في الإسلام:

يعتبر موضوع الطبيعة الإسلامية من الموضوعات الهامة التي لا يستغني عنها أي دارس للتربية الإسلامية لأن الإنسان موضوع التربية ومن المهم إذن أن نعرف ما يقوله الإسلام عن هذه الطبيعة حتى يمكن توجيهها وتنشئتها على أساس سليم.

ويقول المربون: إن فلسفة التربية هي فلسفة الإنسان قبل كل شيء، وبهذا الشرط وحده تستطيع أن تؤدي رسالتها وهي العمل على تنظيم الكائن الإنساني ووحدته وتأليفه تأليفا جديدا ومستمرا وحمايته قبل كل شيء من القوى المختلفة التي تتنازعه في اتجاهات متباينة، ووقايته من مخاطر تشتت فكره وانحلال

<<  <   >  >>