للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

شيئا بالفعل بعد أن كان كامنا بالقوة. "فتح الله خليف: ص٦٤" والبدن والنفس يشكلان طبيعة واحدة للإنسان. وللنفس قوى منها القوى العاقلة والغاضبة والشهوية. وكل واحدة من هذه القوى عند علماء المسلمين داخلة في سلطان ما فوقها ومتآمرة على من دونها. فحق القوة الشهوية أن تكون مؤتمرة للقوة الغضبية، وحق هذه القوة أن تكون مؤتمرة للقوة العاقلة. وحق هذه القوة العاقلة أن تكون مستضيئة بنور الشرع ومؤتمرة لمراسمه حتى تصير هذه القوى متظاهرة غير متعادية "الراغب الأصفهاني: تفضيل النشأتين ص٩٣" وفي نفس الإنسان قوى رديئة من الهوى والشهوة والحسد تطلب الفساد وتعادي العقل والفكر. ولذلك يجب للعقل أن يعادل الهوى وألا يستسلم له. فالهوى من أعداء الله بدلالة قوله عليه السلام: "وما في الأرض معبود أبغض إلى الله من الهوى". ويرتبط بذلك صفتان متضادتان للنفس. فهناك شرف النفس وهي صفحة تنأى بصاحبها عن إتيان المذموم من الفعال, وتقابلها خسة النفس وهي صفة أصحاب النفوس الوضيعة الذين لا يستحون من فعل القبيح لا يستنكرونه.

والإسلام يخاطب النفس ويهدف إلى تربيتها من خلال الثواب والعقاب. فهناك الثواب المادي من جنة وزيادة في الرزق والتمتع بزينة الحياة الدنيا من مال وبنين. وهناك ثواب غير المادي من إعلاء مكانة وعلو المرتبة والطمأنينة النفسية وراحة البال والضمير. وهناك العقاب المادي من نار وقلة في الرزق وحرمان من متع الدنيا. وهناك العقاب غير المادي من تأنيب الضمير والخزي والحسرة والندم وعدم الرضا لله والناس. وللنفس مظاهر إدراكية تتمثل في العقل. والعقلانية هي أرقى صفة للإنسان. وقد أشار القرآن الكريم إلى عدة أصناف من النفس منها النفس اللوامة والنفس الأمارة والنفس المطمئنة والنفس الراضية والنفس المرضية. ويرى علماء المسلمين أن النفس تتميز عن البدن وأنها ليس جزءا منه أو حالا من أحواله. وهي جوهر مفارق لجوهر البدن ومخالف له في طبعه كما أن النفس من عالم آخر هو عالم الروح الذي يختلف عن عالم الجسم وهو عالم المادة. ومن هنا استدل علماء المسلمين على أن الجسم فان أما الروح فلا تفنى بفناء

<<  <   >  >>