بهم. وكانو يسمون أنفسهم أهل العدل والتوحيد. أما العدل فلأنهم نزهو الله عما يقول خصومهم من أنه قدر على الناس المعاصي ثم عذبهم عليها وقالوا إن الإنسان حر في أفعاله. ومن أجل هذا يحاسب عليها سواء كانت خيرا أو شرا، وينال عليها ثوابا أو عقابا. وفي هذا عدل. وأما التوحيد فلأنهم نفوا صفات الله وعدوا القول بها تعديدا لله "أحمد أمين: ٤١٨-٤٥٥". ومن أوائل الداعين إلى الاعتزال واصل بن عطاء وعمر بن عبيد. أما واصل فكان من الموالي ولد في المدينة سنة ٨٠هـ ثم انتقل إلى البصرة وسمع من الحسن البصري وغيره وتوفي عام ١٣١هـ. وأما عمرو بن عبيد فكان من الموالي أيضا وتتلمذ على الحسن البصري واعتنق رأي واصل بن عطاء في الاعتزال. وتوفي عام ١٤٥هـ.
وينقل أحمد أمين عن أحمد بن يحيى المرتضى في كتابه المسمى "بالمنية والأمل" في شرح كتاب الملل والنحل" قوله بأن مذهب الاعتزال يرجع إلى الصدر الأول للإسلام. فقد عد من الطبقة الأولى للمعتزلة الخلفاء الأربعة. وعبد الله بن مسعود وعبد الله بن عباس وغيرهم. ومن الطبقة الثانية الحسن والحسين ومحمد بن الحنفية وسعيد بن المسيب وغيرهم. ومن الطبقة الثالثة الحسن بن الحسن وعبد الله بن الحسن وأبو هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية وهو الذي أخذ عنه واصل بن عطاء. ومن الطبقة الرابعة غيلان الدمشقي وواصل بن عطاء. "المرجع السابق: ص٤٦٩".
وقد نشأ الاعتزال في البصرة وسرعان ما انتشر في العراق واعتنقه من خلفاء بني أمية يزيد بن الوليد ومروان بن محمد. وفي العصر العباسي تكونت مدرستان كبيرتان للاعتزال، مدرسة البصرة ومدرسة بغداد وكان بينهما جدال وخلاف في كثير من المسائل.
وكان المعتزلة أسرع الفرق استفادة من الفلسفة اليونانية وصبغها صبغة إسلامية والاستعانة بها في نظرياتهم وجدلهم. وكان من أشهر من استخدم الفلسفة من المعتزلة أبو الهذيل بن العلاف والنظام والجاحظ. ويقول أحمد بن أمين المعتزلة هم الذين خلقوا علم الكلام في الإسلام وأنهم أول من تسلح من المسلمين بسلاح