للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ليس الكل سواء:

تسلم التربية الإسلامية بأن الأطفال يختلفون في استعداداتهم وما هيئوا له، وأن بينهم فروقا في القدرة على التعلم وأن بعض الأطفال أقدر من غيرهم في تعلم مجالات معينة من العلم. كما أن منهم من لا يصلح تعليمه إلا لحد معين لا يتعداه. ويرى المربون المسلمون ضرورة توجيه الطفل أو الصبي إلى ما يناسبه من تعليم، وأن يترك ما لا يقدر عليه إلى ما يقدر عليه. ويقول أبو يحيى الأنصاري في اللؤلؤ النظيم في روم التعليم: "إن على كل صبي أن يعرف طرفا من العلوم الضرورية في الحياة كالقراءة والكتابة والحساب. ثم عليه بعد ذلك أن يتجه إلى العلم أو الحرفة على حسب استعداده وتكوينه إذ ليس كل أحد يصلح لتعلم العلوم يصلح لجميعها" ويقول الزرنوجي في "تعليم المتعلم طريق التعليم": "إنه لا ينبغي على المتعلم أن يختار نوع العلم بنفسه بل يفوض أمره إلى الأستاذ فإن الأستاذ قد حصل له من التجارب في ذلك ما يفيد فهو أعرف بما ينبغي لكل واحد وما يليق بطبيعته". ويقول ابن جماعة: "وإذا علم "المعلم" أو غلب على ظنه أنه "أي المتعلم لا يفلح في فن أشار عليه بتركه والانتقال إلى غيره مما يرجى فيه فلاحه".

- وقد قال الشاعر:

إذا لم تستطع شيئا فدعه ... وجاوزه إلى ما تستطيع

ويقول ابن سينا: "ليس كل صناعة يرومها الصبي ممكنة له مواتية، ولكن ما شاكل طبعه وإنه لو كانت الآداب والصناعات تجيب وتنقاد بالطلب والمرام دون المشاكلة والملاءمة ما كان أحد غفلا من الأدب. وإذن لأجمع الناس كلهم على اختيار أشرف الآداب وأرفع الصناعات، فينبغي لمدرب الصبي إذا رام اختيار صناعة أن يزن أولا طلب الصبي ويسبر قريحته ويختبر ذكائه مبينا له الصناعات طبقا لذلك". كما يرى ابن سينا أن بعض الناس لا يصلحون للتعليم فيقول: "ربما نافر طباع إنسان جميع الآداب والصنائع فلم يعلق منها بشيء" ويضرب لذلك مثلا فيقول: "إن إناسا من أهل العقل رأوا تأديب أولادهم واجتهدوا في ذلك وأنفقوا فيه الأموال فلم يدركوا من ذلك ما حاولوا".

<<  <   >  >>