للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وتعظيم حرمته مثوبة, والتشمير في خدمته شرف. قال صلى الله عليه وسلم: "تعلموا للعلم السكينة والوقار وتواضعوا لمن تأخذونه منه". وأخذ ابن عباس رضي الله عنهما مع جلالته وميزته بركات زيد بن ثابت رضي الله عنه، وقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا, ويقال إن الشافعي رحمه الله عوتب على تواضعه للعلماء فقال:

أهين لهم نفسي فهم يكرمونها ... ولن تكرم النفس التي لا تهينها

وعلى المتعلم أيضا إذا وجد معلما أن يأتمر له ولا يتآمر عليه، ولا يراده فيما ليس بصدده تعلمه ولم يبلغ منزلة معرفته بعد.

٤- ألا يتكبر على العلم. فالعلم خراب للمتعالي كالسيل خراب للمكان العالي ولهذا قيل: العلم لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، فإن أعطيته كلك فإنك من إعطائه إياك بعضه على خطر.

٥- يقول الزرنوجي ليس لصحيح البدن والعقل عذر في ترك العلم والتفقه. وإذا كان عذر المرء هو الفقر فلن يكون أفقر من أبي يوسف رحمه الله تعالى لم يمنعه من التفقه والعلم ومن كان له مال كثير فنعم المال الصالح للرجل الصالح المنصرف في طريق العلم.

٦- يقول الزرنوجي: من الورع في العلم أن يجترز طالب العلم عن الشبع لأن البطنة تذهب الفطنة. كما يحذر من كثرة النوم وكثرة الكلام فيما لا ينفع وأن يتحرز عن أكل السوق إن أمكن لأن طعام

السوق أقرب للنجاسة والخباثة. وأبعد عن ذكر الله وأقرب إلى الغفلة. ولأن أبصار الفقراء تقع عليه، ولا يقدرون على الشراء منه. فيتأذون بذلك فتذهب بركته. وحكى أن الشيخ الإمام الجليل محمد بن الفضل رحمه الله كان في حال تعلمه لا يأكل من طعام السوق. وكان أبوه يسكن في "الرستاق" وهو موضع فيه بيوت مجتمعة أو قرى ويهيئ إليه طعامه ويدخل إليه يوم الجمعة فرأى في بيت ابنه خبز السوق يوما. فلم يكلمه ساخطا عليه فاعتذر ابنه وقال: ما اشتريته أنا ولم أرض به. ولكن أحضره شريكي. فقال له أبوه: لو كنت تحتاط وتتورع عن مثله لم يجترئ شريكك على ذلك. ويبدو أن تطبيق ذلك

<<  <   >  >>