للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

فكل ذي عمل في الخير مغتبط ... وفي بلاء وشؤم كل ذي كسل

ونظم الزرنوجي في هذا المعنى:

دعي نفسي التكاسل والتواني ... وإلا فأثبتي في ذا الهوان

فلم أر للكسالى الحظ يعطي ... سوى ندم وحرمان الأماني

وقال الشاعر في هذا المعنى:

لا تصحب الكسلان في حالاته ... كم صالح بفساد آخر يفسد

عدوى البليد إلى الجليد سريعة ... كالجمر يوضع في الرماد فيخمد

وعلى طالب العلم ألا يكتب شيئا لا يفهمه لأن ذلك كما يقول الزرنوجي يورث كلالة الطبع ويذهب الفطنة ويضيع الوقت.

ويجب أن يجتهد طالب العلم في الفهم والتفكير والتأمل فإنما تدرك الدقائق بالتأمل. ولا بد له من المناظرة والمطارحة بدون شغب أو غضب. ولا تكون نيته من المناظرة إلزام الخصم أو قهوة أو التضليل أو التمويه أو الحيلة وإنما تكون لإظهار الحق والحقيقة. ويرى الزرنوجي أن المطارحة والمناظرة أكثر فائدة لطالب العلم من مجرد الحفظ والتكرار. فمطارحة ساعة خير من تكرار شهر. وعلى طالب العلم أن يستفيد في جميع الأحوال والأوقات من جميع الأشخاص. فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الحكمة ضالة المؤمن أينما وجدها أخذها". ويروى أن أبا حنيفة رحمه الله تفقه في العلم بكثرة المطارحة والمذاكرة في دكانه حين كان بزازا أي بائع ثياب.

وعلى طالب العلم أن يتحرز عن الشبع وكثرة النوم وأكل طعام السوق إن أمكن لأن طعام السوق كما يقول الزرنوجي أقرب إلى النجاسة والخباثة وأبعد عن ذكر الله وأقرب إلى الغفلة ولأن أبصار الفقراء تقع عليه ولا يقدرون على الشراء منه فيتأذون بذلك فتذهب بركته "الزرنوجي: ص٥٣". وهو ما أشرنا إليه.

وعلى طالب العلم أن يتحرز عن الغيبة والنميمة ومجالسة المكثار في الكلام. لأن الإكثار في الكلام في نظر الزرنوجي يسرق العمر ويضيع الوقت. ولذا وجب على المتعلم أن يتجنب أهل الفساد والمعاصي والتعطيل ويجاور الصلحاء. وقد

<<  <   >  >>