للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كله، وقد تحققت وحدته الفكرية على أساس من اللغة العربية. لقد عرف العالم الإسلامي قمة ازدهاره ومجده عندما كانت اللغة العربية أساس هذه الوحدة الفكرية، وكانت اللغة الراقية للعالم والجنس البشري طيلة أربعة قرون من الزمان منذ القرن الثامن حتى القرن الثاني عشر. وتعلمها كثير من غير أبنائها باعتبارها لغة الثقافة والعلم، وقد كتبوا وألفوا بها. ولم يكن علماء المسلمين من مختلف الأجناس يشعرون بأي غضاضة بالكتابة بالعربية. ولذا نجد جميع علماء الإسلام من عرب وفرس وترك يؤلفون مؤلفاتهم بالعربية، مع أنهم كانوا يعرفون لغاتهم الأصلية. وقد روي عن العالم الإسلامي الكبير البيروني قوله: "والله لأن أهجى بالعربية أحب إلي من أن أمدح بالفارسية". يضاف إلى ذلك أن اللغة العربية هي لغة القرآن الكريم {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} وتعلمها من كمال تمام الدين. وقد روى عمر بن الخطاب قوله: "تعلموا العربية فإنها من دينكم". ولا شك أن الأمر هنا موجه إلى كل المسلمين. ويقول العلامة ابن تيمية: "إن اللغة العربية من الدين ومعرفتها فرض واجب. ذلك أنه فهم الكتاب والسنة فرض ولا يفهم إلا باللغة العربية وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب". ويرى الإمام الشافعي أن على كل مسلم أن يتكلم العربية وأن تعلم اللغة العربية فرض على كل مسلم.

وهكذا يصبح من واجب كل مسلم أن يتعلم العربية. وإذا كان غير المسلم يتحتم عليه أن يتعلم اللغة القومية لدولته إلى جانب لغته الأم لدواعي الحياة والمعيشة كما في دول مختلفة في العالم في سويسرا أو الاتحاد السوفيتي أو الهند وغيرها فما بالك بالمسلم الذي يعتبر تعلم اللغة العربية بالنسبة له من تمام دينه؟

إن على العالم الإسلامي غير الناطق بالعربية أن يسعى حثيثا لا هوادة فيه إلى نشر تعلم اللغة العربية بين أبنائه بنشر مراكز تعليمها على أوسع نطاق. كما يجعل اللغة العربية أجباريا من السنوات الأولى للتعليم في مدارسه ويجب على العالم الإسلامي العربي أن يشجع كل خطوة في هذا الاتجاه، وأن يقدم لها العون المادي والبشري على السواء.

<<  <   >  >>