للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والخزائن الملوكية وتنافس في ذلك أهل الأقطار.. ولما انحل نظام الدولة الإسلامية وضعف شأن بغداد بضعف الخلافة انتقل شأن العلم والكتابة إلى مصر والقاهرة وأصبح للخط والكتابة معلمون يعلمون حسب قوانين متعارفة بينهم.. أما أهل الأندلس فافترقوا في الأقطار عند تلاشي ملك العرب بها ... فانتشروا في المغرب وبأفريقية وشاركوا أهل العمران بما لديهم من الصنائع فغلب الأندلسي بتونس وما إليها لتوفر أهل الأندلس بها. ولما تراجع أمر الحضارة بتراجع العمران وتقلص الدول، زاد الميل بالخط وفسدت رسومه فصارت الخطوط بأفريقية والمغرب مائلة إلى الرداءة بعيدة عن الجودة وصارت الكتب إذا انتسخت فلا فائدة تحصل منها لمتصفحها إلا العناء والمشقة لكثرة ما يقع منها من الفساد والتصحيف وتغيير الأشكال الخطية عن الجودة.

٥- أفسحت المجال لتعليم اللغات الأجنبية:

ظهرت الحاجة إلى تعليم اللغات منذ أيام الإسلام الأولى وإن كان ذلك على نظاق ضيق. فقد كانت نتيجة لاتصال المسلمين بالأقطار الأخرى واتساع رقعة الإسلام خارج حدود الجزيرة العربية أن برزت الحاجة إلى تعلم اللغات الأجنبية وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه على أن يتعلموا اللغات الأخرى غير العربية لدواعي الحاجة إليها وفي الحديث الشريف أنه "من تعلم لغة قوم أمن من شرهم".

ويقول ابن سعد في "الطبقات الكبرى": إن النبي صلى الله عليه وسلم لما رجع من "الحديبية" في ذي الحجة سنة ست أرسل الرسل إلى الملوك يدعوهم إلى الإسلام وكتب إليهم كتابا. فقيل: يا رسول الله إن الملوك لا يقرءون كتبا إلا مختومة. فاتخذ رسول الله يومئذ خاتما من فضة فصه منه نقشه ثلاثة أسطر: "محمد رسول الله" وختم به الكتب فخرج ستة منهم في يوم واحد، وذلك في المحرم سنة سبع وأصبح كل رجل منهم يتكلم بلسان القوم الذين بعثه إليهم" "ابن سعد: ص٢٥٨". وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه لتعلم العبرية والسريانية ليدون بها

<<  <   >  >>