للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

من مراكز الثقافة العربية الإسلامية خلال العصور الوسطى، وسنشير إلى بعض جوانب الحركة الثقافة فيها فيما بعد.

وبالنسبة لنشأة المدارس فقد تأخر ظهور المدرسة في المغرب والأندلس عن مثيلتها بالمشرق. وترجع نشأة المدارس بالمغرب إلى القرن السابع الهجري عندما أنشأ أمير المؤمنين يعقوب بن عبد الحق "٦٥٦-٦٨٤هـ" الملقب بالمؤيد والمنصور والقائم مدرسة بفاس وأوقف عليها الأوقاف وأجرى على طلاب العلم بها المرتبات ... واتبع ابنه السلطان أبو سعيد عثمان بن يعقوب سنة أبيه في بناء المدارس فأسس مدرسة "المدينة البيضاء" بفاس "والمدرسة العظمى" بفاس أيضا سنة ٧٢٣هـ والتي عرفت فيما بعد بمدسة العطارين. وفي وصف هذه المدرسة يقول المؤرخ أبو العباس الناصري في كتابه "الاستقصا لأخبار دول المغرب الأقصى": من أعجب مصانع الدول لم يبن ملك قبله مثلها وأجرى فيها الماء من بعض العيون ورتب فيها الطلبة وجعل لها إماما ومؤذنين وقومة يقومون بأمرها. ورتب فيها فقهاء التدريس وأجرى على هؤلاء المرتبات والمؤن الزائدة عن الكفاية. وقد اشترى لأجل ذلك عدة أملاك وأوقفها عليها.

وكان الخلفاء والولاة في عاصمة الدولة الإسلامية يهتمون بنشر الدين في الأقاليم البعيدة. وقد أرسل الخليفة الأموي عمر بن عبد العزيز إلى شمال إفريقيا عشرة من الفقهاء لتعليم أبناء البربر مبادئ الدين، كما أن بعض الحكام والسلاطين المحليين أظهروا اهتمامهم بالتعليم أيضا منهم على سبيل المثال السلطان أبو الحسن بن أبي سعيد المريني "٧٣٢-٧٤٩هـ" قد أظهر اهتمامه ببناء المدارس حتى قبل تولية الخلافة، إذ بنى سنة ٧٢١هـ مدرسة في فاس غرب جامع الأندلس. وبنى حولها سقاية ودار وضوء وفندقا لسكنى الطلاب. وعين فقهاء للتدريس وأجرى عليهم جميعا الإنفاق والكسوة وأوقف لها ربوعا كثيرة. وأنشأ مدارس عديدة بفاس منها "مدرسة الوادي" ومدرسة الصهريج ومدرسة "الرخام" ومدرسة "الحلقاويين" ومدرسة "المصباح" نسبة إلى أول فقية تولى التدريس فيها، وهو أبو الضياء مصباح بن عبد الله الباصلواتي. كما أنشأ مدارس أخرى خارج العاصمة فاس في سبتة وطنجة وآزمور وأغمات والعقد

<<  <   >  >>