للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المأمون من كرمه بالجوائز والمناصب الرفيعة. وأصبحت الدول العباسية منافسة للدولة الرومية في هذه العلوم.

ومن المعروف أنه عندما نفي الإمبراطور الروماني جستنيان فلاسفة الإغريق وعلماءهم من "أثينا" لوثنيتهم فروا إلى بلاد الفرس لما وجدوه من ترحيب كسرى أنو شروان "٥٣١-٥٧٨". وكان قد أسس في "جند يسابور" من أعمال خوزستان في وسط آسيا دارا للعلم قام فيها هؤلاء العلماء بتدريس الفلسفة والطب. وبقي أثرها في تلك البلاد حتى ظهرت الدولة العباسية. كما غدت "حران" مركزا من مراكز الثقافة اليونانية ببلاد العراق. وتكلم أهلها وهم "الصابئة" اللغة العربية في سهولة ويسر، وساعدوا إلى حد كبير على نشر الثقافة اليونانية بين المسلمين. وإليهم يرجع الفضل في ترجمة كثير من الكتب عن اللغات الأجنبية، وشهد العالم الإسلامي حركة علمية كبيرة بلغت ذروتها في القرن الرابع الهجري. وكان قوام هذه الحركة ترجمة المسلمين لعلوم الإغريق واليونان والرومان والفرس والهنود من علوم مختلفة في الطب والفلسفة والرياضيات والطبيعة والفلك والموسيقى. وقد أعجب المسلمون إعجابا كبيرا بهذه العلوم الجديدة وأقبلوا على دراستها، بل ولقبوا أرسطو أحد مشاهير روادها بالمعلم الأول. والحسن بن الهيثم "٩٦٥-١٠٣٩م" وهو من أكبر علماء الفيزياء على مر العصور وله جهود عظيمة في علم البصريات ودرس العلوم المختلفة من طب وفلسفة ورياضيات والإلهيات كتب يقول موضحا سر اهتمامه بهذه العلوم ومعلنا إعجابه بأرسطو:

"ازدريت أعوام الناس ولم ألتفت إليهم واشتهيت إيثار الحق وطلب العلم واستقر عندي أنه ليس ينال الناس من الدنيا شيئا أجود ولا أشد قربة من الله من هذين الأمرين. فخضت لذلك في ضروب الآراء والاعتقادات وأنواع العلوم والبيانات، فلم أحظ من شيء منها للحق منهجا ولا إلى الرأي اليقيني مسلكا جددا، فرأيت أنني لا أصل إلا عن آراء يكون عنصرها الأمور الحسية وصورتها الأمور العقلية فلم أجد ذلك إلا فيما قرره أرسطو من علوم المنطق والطبيعيات والإلهيات. فلما تبينت ذلك أفرغت وسعى في طلب الفلسفة وهي ثلاثة

<<  <   >  >>