للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إليه، من سلطان أو من وزير أو قاض فينصب لها الإمام في الصلوات الخمس والجمعة والعيدين والخسوفين والاستسقاء، وتعيين ذلك إنما هو من طريق الأولى والاستحسان. ولئلا يفتات الرعايا عليه في شيء من النظر في المصالح العامة وأما المساجد المختصة بقوم أو نحلة فأمرها راجع إلى الجيران، ولا تحتاج إلى نظر خليفة ولا سلطان.

وأما "الفتيا" فللخليفة تصفح أهل العلم والتدريس، ورد الفتيا إلى من هو أهل لها، وإعانته على ذلك ومع من ليس أهلا لها وزجره لأنها من مصالح المسلمين في أديانهم، فتجب عليه مراعاتها لئلا يتعرض لذلك من ليس له بأهل فيضل الناس، وللمدرس الانتصاب لتعليم العلم وبثه والجلوس لذلك في المساجد، فإن كانت من المساجد العظام التي للسلطان الولاية عليها والنظر في أئمتها كما مر فلا بد من استئذانه في ذلك وإن كانت من مساجد العامة، فلا يتوقف ذلك على إذن، على أنه ينبغي أن يكون لكل واحد من المفتين والمدرسين زاجر من نفسه، يمنعه عن التصدي لما ليس له بأهل فيدل به المستهدي ويضل به المسترشد "مقدمة ابن خلدون ص١٥٩".

المسجد كمركز تعليمي:

كان النبي صلى الله عليه وسلم أول من اتخذ المسجد مكانا للدعوة والتعليم ففي أول الأمر كان يتخذ من منزله ومن دار الأرقم بن أبي الأرقم مكانا لنشر الدعوة وبعد الهجرة كان إنشاء المساجد فانتقل الرسول صلى الله عليه وسلم بنشاطه الديني والتعليمي إلى المسجد، وكان مسجد قباء أول المساجد التي بنيت في الإسلام وأنشئ بعده مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بالمدينة المنورة. وتوالى بعدها إنشاء المساجد.

وكان التعليم في المساجد يقوم على تعليم أمور الدين وتذكير الناس بالآخرة. وكان التعليم في هذه الأمور يعتمد على الأسلوب القصصي ممتزجا بالعلوم والحكمة والموعظة، كما كانت تدرس أيضا العلوم الدينية من قرآن وتفسير وحديث.

وكان أصحاب المذاهب والملل والنحل المختلفة يجتمعون في المساجد ويلقون الدروس وفقا لمذاهبهم وأحيانا يحرم التدريس في المساجد على مذهب معين

<<  <   >  >>