للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعندما قوض المغول بغداد كان يوجد بها ٣٦ مكتبة عامة، وكانت هناك أيضا مكتبة القيروان بشمال إفريقيا التي كانت ملحقة بجامع القيروان وكان لها نفس نظام المكتبات في الشرق إلا أن أدوات الكتابة كان يصنع أغلبها بمدينة القيروان فكانوا يكتبون على جلود الخرفان المصقولة، أو على ورق البردي المجلوب من الإسكندرية، وفيما بعد يصنع الورق من خرق القماش البالي. وكانت النساء تقوم بصنعه وتغطيته بطبقة من الغراء لتزيد تماسكه وصقله. وكان الحبر يصنع من الصمغ أو المواد الكيميائية، وكانت المحابر تصنع من الخزف، أو من الزجاج أو النحاس وكانت الكتابة أحيانا بالرمل الناعم الملون.

وكانت توجد في معظم المساجد مكتبات عامة كما كانت هناك مكتبات خاصة يبنيها الأمراء في قصورهم أو العلماء في بيوتهم. وكانت هذه المكتبات ضخمة جدا لدرجة أنه يروى أن الصاحب بن عباد في القرن العاشر كانت تضم مكتبته من الكتب ما يوازي كل الكتب التي كانت تضمها مكتبات أوربا مجتمعة في ذلك الوقت. كما يروى أيضا أن أحد أطباء العيون العرب رفض دعوة سلطان بخارى للإقامة ببلاطه لأنه يحتاج إلى ٤٠٠ بعير لنقل مكتبته، وعندما مات الواقدي ترك وراءه ستمائه صندوق مملوءة بالكتب يحتاج كل منها إلى رجلين لنقله. وهذا يدل على مدى اهتمام المسلمين باقتناء الكتب وجمعها وأحيانا ما كانوا هم أنفسهم يقومون باستنساخها وكانت المكتبات في هذه الفترة مما لا يحصى ولا يعد.

وقد زخرت مكتبة قرطبة التي أنشأها الحاكم المستنصر في مقره بقرطبة في منتصف القرن الرابع الهجري، وكانت تضم بين خزائنها ٤٠٠ ألف مجلد في وقت لم تعرف فيه الطباعة، وكانت تحتوي على ١٤ مجلدا للفهارس، وكانت تضم الباحثين والعلماء الذين كانوا يعملون لحساب الخليفة الأموي في الأندلس وانتشروا في جميع أنحاء العالم الإسلامي لجلب الكتب والمؤلفات وكان بها عدد كبير من الناسخين والمجلدين والمزخرفين.

<<  <   >  >>