للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المسيحية بفضل هذه التراجم، والطب من ناحيته النظرية والعلمية قد تقدم تقدما عظيما بفضل ما قام به العلماء المترجمون اليونان واللاتين والعرب واليهود، وما كان لعلم الهيئة اليوناني والعربي من شأن خطير قد أحدث وكان لا بد أن يحدث، توسعا في علوم الدين، وفي تعديل أفكار العلماء عن الإله، وكان ذلك إرهاصا بتغيير في هذه الناحية أوسع مدى جاء بعد عهد كوبرنيق. وإن في إشارات روجر بيكون المتكررة لابن رشد، وابن سينا، والفارابي لدليلا على ما كان لهؤلاء العلماء من تأثير وحافز جديد، وفي ذلك يقول روجر بيكون نفسه: "لقد جاءت إلينا الفلسفة من العرب"، ومعقول أن الذي دعا توماس الأكويني لتأليف كتابه الجامع في اللاهوت هو أن يحول دون تسرب التفاسير العربية لأرسطو إلى علوم الدين المسيحية. وهكذا رد الإسلام إلى أوربا ما أخذ عن اليونان بطريق بلاد الشام كما قدم لها زادا علميا وفكريا اعتمدت عليه في اندفاعتها القوية إبان عصر النهضة وما بعده. ويقول محمد إقبال في كتابه "التجديد الديني في الإسلام" "ص١٣": لقد أتى على الفكر الأوربي حين من الدهر تلقى فيه وحي النهضة من العالم الإسلامي.. والثقافة الأوربية في جانبها العقلي ليست إلا ازدهارا لبعض الجوانب الهامة في ثقافة الإسلام. لذلك فإنه لا يرى تعارضا في ذلك والاستفادة من نتائج العلم أو الفكر الأوربي، ويقول في ذلك بأنه لا بد أن يصاحب يقظة الإسلام تمحيص بروح مستقلة لنتائج الفكر الأوربي والكشف عن المدى الذي تستطيع به النتائج التي وصلت إليها أوربا أن تعييننا به في إعادة النظر في التفكير الديني في الإسلام "المرجع السابق ص١٤".

<<  <   >  >>