للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بالقبول حتى إذا بلغ في العلم شأنا يمكنه من معرفة الأسباب والعلل طالع الحكمة فوجدها موافقة لما تقدمت عادته به فاستحكم رأيه وقويت بصيرته ونفذت عزيمته.

وينبغي أن يؤذن للصبي في بعض الأوقات أن يلعب لعبا جميلا ليستريح إليه من تعب الأدب ولا يكون في لعبة ألم ولا تعب شديد. وقد نقل الغزالي هذا القول عن ابن مسكويه وردده في كتابه إحياء علوم الدين. "الإحياء ج٣: ص٧١".

وتعرض ابن مسكويه بتفصيل كبير إلى آداب الأكل والطعام. فأشار إلى عدة مبادئ هامة منها أن يوضح للنشء أن الأطعمة إنما تراد للصحة لا للذة أي أننا نأكل لنعيش ولا نعيش لنأكل. وهو مبدأ صحي وأخلاقي سليم فالأطعمة والأغذية شبيهة بالأدوية نداوي بها الجوع كما نداوي بالأدوية المرض. ومن مبادئ آداب الطعام أيضا أن يعلم الصبية إذا جلسوا مع غيرهم على مائدة الطعام ألا يبادروا إلى الطعام أولا، وألا يديموا النظر إلى أنواعه الموجودة. ولا ينبغي لهم أن يتسرعوا في الأكل أو يضخموا الكمية المتناولة. وينبغي عليهم أن يمضغوا الطعام جيدا ولا يبادروا ببلعه. ولا ينبغي للصبي أن يلطخ يده أو ثوبه بما يتناوله من طعام. وهو ما ردده الغزالي فيما بعد "الإحياء: ج٣: ص٧٠". ويشير إلى الشعوب العربية والإسلامية. وهي ألا يجعل غذاءه الرئيسي نهارا لأن ذلك يحمله على الكسل ويلجئه إلى النوم ويتبلد ذهنه وفهمه. وإنما يستوفي غذائه العشى لأن هذا أصح له وأنسب بعد عناء يومه. ومن الواضح أن هذا على نقيض ما تجري عليه عادة الكثيرين منا من جعل وجبة الغذاء هي الوجبة الرئيسية.

وينصح ابن مسكويه بمنع الصبي من الإكثار من أكل اللحم، وإن منع منه في أكثر أوقاته كان أنفع له حتى لا يتعود على الترف. أما الحلوى فيمنع منها البتة إن أمكن وإلا فليتناول القليل منها لأنها تستحيل في بدنه فتكثر انحلاله كما أنها تعوده على الشر والاستكثار من الأكل. وهذا عكس ما يفعله كثيرون منا مع أبنائهم إذ يغمرونهم باللحوم من مختلف الأنواع وبالحلوى من مختلف

<<  <   >  >>