للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والمعلم في نظره "متصرف في قلوب البشر ونفوسهم" وهو يمارس أشرف الصناعات بعد النبوة. وهو يعتبر أن حق المعلم بالنسبة للطفل أعظم من حق الوالدين لأن الوالد سبب الوجود الحاضر والحياة الفانية، أما المعلم فهو سبب الحياة الباقية والمفيد للحياة الآخرة. فهو معلم علوم الآخرة أو علوم الدنيا على قصد الآخرة، وقد أوصى المعلم بعدة أمور من أهمها:

١- الشفقة والرحمة على الصبي فهو منه بمنزلة الولد وهو ما سبق أن ذكره ابن سحنون والقابسي.

٢- ألا يزجر الصبي عما يبدو منه من سوء الخلق بطريقة الرحمة لا التوبيخ وأن يكون تأديبه بالبرهنة والتوجيه لا بالتخويف والضرب والوعيد.

٣- أن يقتصر بالمتعلم على قدر فهمه فلا يلقي إليه ما لا يبلغه عقله فينفره أو يخبط عليه عقله اقتداء في ذلك بسيد البشر صلى الله عليه وسلم حيث قال: $"نحن معاشر الأنبياء أمرنا أن ننزل الناس منازلهم ونكلمهم على قدر عقولهم" وقد قيل: "كِلْ لكل عبد بمعيار عقله وزن له بميزان فهمه".

٥- ألا يقبح في نفي المتعلم العلوم الأخرى التي يدرسها غيره كمعلم اللغة في عادته تقبيح علم الفقه ومعلم الفقه في عادته تقبيح علم الحديث والتفسير.

٦- أن يكون المعلم قدوة حسنة، وأن يطابق قوله فعله وأن يكون متحليا بالورع والتقوى لأن أعين الصبيان إليه ناظرة وآذانهم إليه مصغية فما استحسن فهو عندهم الحسن وما استقبح فهو عندهم القبيح.

٧- أن يعود الصبي على الأخلاق الكريمة فيقوم احتراما لمن هو أكبر منه كما يعوده على ألا يبصق في المجلس ولا يتمخط ولا يتثاءب.

٨- يجب ألا يرفع العلم التكليف بينه وبين التلميذ حتى لا يتجرأ عليه وحتى الكسل خلقه، وأن يبتعد به عن التدليل ويعوده الخشونة حتى لا يغلب عليه الكسل وأن يراعي التوسط والاعتدال في معاملته.

٩- أن يكون وقورا رزينا لا ثرثارا أهوج ولا يظهر أمام تلاميذه بمظهر الخامل الناعس.

<<  <   >  >>