للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

طالب قوله: "علموا أولادكم غير ما علمتم فإنهم خلقوا لزمان غير زمانكم".

وفي الإسلام ليس هناك نهاية أو سن محدودة لطلب العلم، ويقول الزرنوجي في "تعليم المتعلم طريق التعلم" إنه لا عذر لصحيح الجسم والعقل في ترك طلب العلم مهما كان عمره. وسئل أبو عمرو بن العلاء: حتى متى يحسن بالمرء أن يتعلم؟ أجاب: ما دامت الحياة. وسئل حكيم: ما حد التعليم؟ فأجاب: حد الحياة. وسئل ابن المبارك: إلى متى تتعلم؟ قال: إلى آخر يوم في عمري فلعل الكلمة التي تنفعني لم أتعلمها بعد. ويرى ابن قتيبة أنه "لا يزال المرء عالما ما طلب العلم، فإذا ظن أنه قد علم فقد جهل" فالحكمة ضالة المؤمن ينشدها حيثما كانت ما دامت فيه الحياة، وقد أشرنا إلى الرحلة في طلب العلم في الإسلام في مكان آخر في هذا الكتاب. ويقول الماوردي في هذا المعنى:

- اعلم أن العلوم شريفة ولكل علم منها فضيلة، والأحاطة بجميعها محال، قيل لبعض الحكماء: من يعرف كل العلوم؟ فقال: كل الناس. وروي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من ظن أن للعلم غاية فقد بخسه حقه ووضعه في غير منزلته التي وضعه الله بها، حيث يقول: {وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا} وفوق كل ذي علم عليم". وقال بعض العلماء: لو كنا نطلب العلم لنبلغ غايته لكنا قد بدأنا العلم بالنقيصة، ولكنا نطلبه لننقص في كل يوم من الجهل ونزداد في كل يوم من العلم. وسئل سفيان بن عيينة: من أحوج الناس على طلب العلم؟ قال: أعلمهم، لأن الخطأ منه أقبح. وحين انقطع أبو يوسف عن حضور مجلس أبي حنيفة واتخذ لنفسه منفصلا كتب إليه أبو حنيفة بما أعجزه عن الجواب ثم علق على عجزه بقوله: من ظن أنه يستغني عن التعلم فليبك على نفسه. وسئل عبد الله بن المبارك: إلى متى تطلب العلم قال: حتى الممات إن شاء الله. لعل الكلمة التي تنفعني لم أكتبها بعد. قال عبد الله بن مسعود: إن الرجل لا يولد عالما وإنما العلم بالتعلم. وقد قال الشاعر العربي في هذا المعنى:

تعلم فليس المرء يولد عالما ... وليس أخو علم كمن هو جاهل

<<  <   >  >>